العدد 3323
الأحد 19 نوفمبر 2017
banner
متى يُكْسَر التابو؟
الأحد 19 نوفمبر 2017

كثيراً ما صادفت عبارة العقل العربي في مقالات الكتاب العرب، البعض يعيب هذا العقل والبعض يمتدحه، وبينهما تجمد العقل العربي عند نهاية القرن العشرين، وصدقوني هناك حقيقة اكتشفتها وآمل ألا يصدمني البعض بالهجوم، وهي أن الأنظمة العربية أكثر وعياً ونضوجاً من الشعوب العربية ذاتها، ولا أعرف إن كانت هذه صدمة للعقل أم طفرة في الاكتشاف، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعدى ذلك إلى حقيقة أخرى صادمة هي أن النظام العربي والدولة العربية في غالبية خريطة الشرق الأوسط تريد التنوير، أو هي بالأحرى أنظمة تنويرية رغم بعض المآخذ عليها في الشؤون المالية والاقتصادية، لكنها أكثر تحرراً من الشعوب التي تريد البقاء في ذات الرقعة منذ نهاية القرن الماضي.

الدليل على هذا الاكتشاف موجود على الساحة اليومية ونراه ونشاهده ولكننا لا نتوقف عنده ونتأمله ونستخرج النتيجة مما أقول، هل رأيتم دولة تريد تنوير المواطنين فيها وهم يأبون إلا أن يبقوا في ذات التابو الذي يجعل من كل شيء مباح محرما، ومن كل شيء عام مقدسا، ومن كل فعل طبيعي خطا أحمر لا تقترب منه، بل بلغ الأمر بهذا العقل الصغير المتحجر أن يرفض الأسباب ويتمسك بالنتيجة ويعتبر أن الخلاص يأتي من خارج الفعل البشري،  أي أن تنتظر حتى يتقرر مصيرك ولا دخل لك فيما يجري بالكون، لهذا اعتمدنا كثيراً في تسهيل حياتنا اليومية على ما يأتي من خارج دولنا، فأكلنا وشربنا وركبنا الطائرة وقدنا السيارة وتعالجنا بالأدوية واستخدمنا الأجهزة بل حتى تنفسنا أصبح معتمداً على ما يأتينا من خارج الحدود.

مناسبة هذا الكلام اليوم هو كثرة ما أرى في حياتنا اليومية المعتادة من طرح للمحرمات ونشر للفتاوى وحظر على الأمور الطبيعية التي يمارسها الإنسان منذ وعى، فقد تصدم بمجلس نواب مثلاً يعترض على الموسيقى وهذا لا يمثل توجه الدولة، من هنا نرى أن النظام العربي أكثر تنويراً من الشعوب بدليل أن الدولة في قطر سمحت منذ زمن بعيد بقيادة المرأة للسيارة لكن تأبى المرأة هناك قيادة السيارة، هذا نموذج، ونموذج آخر الدول لا تريد ارتفاع مكبرات صوت نقل الصلاة ولديها قانون في ذلك لكن يأبى الناس أن يقبلوا بذلك، هذه أمثلة بسيطة على نموذج العقل العربي، استدللت عليها من أبسط الظواهر حولنا ولا أريد تجاوز التابو المفروض وتعدي الخط الأحمر لأن الصدمة ستكون أشد، لكن يبقى أن نشعل شمعة في وسط الظلام، فالتنوير قادم لا محالة وها هي المملكة العربية السعودية تبدأ أولى الخطوات بل ربما بدأت السباق من منتصفه.

 تنويرة:

خروجك عن السرب مغزاه أن القافلة بالاتجاه الخاطئ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .