العدد 3297
الثلاثاء 24 أكتوبر 2017
banner
جعفر الملا.. توقف قلبك وبقي نبضك!
الثلاثاء 24 أكتوبر 2017

لو كان الأموات يعودون إلى الحياة؛ لكتب زميلنا الصحافي جعفر الملا رأيه عن العالم الآخر في عموده الجريء “بلا تردد”.

ولن أبالغ عندما أقول إنه كان سيعود وفي جعبته سبق صحافي وربما مقابلة حصرية مع ملك الموت.

أقول -لو كان ذلك ممكنًا- وأكررها مرات ومرات؛ لأن صديقي الفريد من نوعه قادر على فعل ما يعجز عنه الآخرون من زملاء المهنة، فهو شغوف بالتميز والتمرد.

كيف لا وهو الصحافي الرياضي القناص الذي كتب وأجرى عددًا لا حصر له من الأخبار والمقابلات الصحافية في الكثير من الأحداث المُهمّة، وأثرى بطرحه الساحة الصحافية البحرينية حتى شكّل إضافة نوعية ساهمت في تألق المُلحق الرياضي بصحيفة “البلاد” منذ تأسيسها في العام 2008.

لست هنا بصدد سرد مناقب المرحوم جعفر الملا الصحافية واحدة واحدة، فهي كثيرة، لكن تجربتي العملية مع فقيدنا الغالي الذي أفجعنا خبر رحيله، تجعلني مُدركًا لإمكاناته المهنية.

فكان خبر وفاته مُربكًا، كما هو حال أخباره المثيرة، ولم يختلف الوضع في وسائل التواصل الاجتماعي والشارعين الرياضي والصحافي، حيث اجتاحت الناس حالة عارمة من الذهول، وثار الجدل بين فريق المُصدقين وفريق المُكذبين.. فلم يكن -يرحمه الله- يشكو من أي مرض أو علة، وإنما توقف قلبه بشكل مفاجئ أثناء ممارسته الرياضة.

وبعد سنوات من ابتعاده عن الصحافة، لم تسعفني بطارية هاتفي على لاستيعاب سيل المكالمات والرسائل الباحثة عن صحة الخبر المُفجع: خبر جعفر الملا صحيح؟

نعم.. جعفر الملا في ذمة الله.. لم يخطئه “خبر الموت” وهو الذي لم يخطئ خبرًا ذات يوم.. لكنني تمنيت أن يكون خبره كاذبًا للمرة الأولى منذ أن عرفته قبل أكثر من 10 سنوات.

أما هذه السطور فأنا أكتبها وما بيدي من حيلة غير التهكم على صديقي المرحوم الذي أتوقّع منه ابتسامة ساخرة: لقد وضعنا كلمة مرحوم أمام اسمك.. هل تصدق؟ إن كانت مُزحة منك فهي ثقيلة، وإن كانت حقيقة فهي أثقل.

لقد أفجعنا رحيلك يا زميلنا الشاب.. ليس لأنك قريب من القلب وألفنا وجودك حتى وإن ابتعدت عنا، وإنما لإنكارنا فداحة فقدك، فقد خسرناك من حياتنا بعدما خسرناك من صحافتنا الرياضية التي تركت فيها فراغًا يصعب ملؤه.

يرحمك الله يا صديقي العزيز.. ليتك لم تهرول على جهاز المشي المشؤوم الذي كنت تسرع بخطواتك فيه نحو حتفك.. ليتك احتفظت ببضع كيلوغرامات من وزنك بدل أن تخسر روحك... ليتك لم تحرق تلك السعرات الحرارية التي أحرقت معها قلوبنا.

عزاؤنا الوحيد أنك رحلت وأنت تمارس الرياضة التي عشقتها حتى النخاع.. نم بسلام في رعاية الله، فلعلها المرة الأولى التي سترقد فيها دون أن يكون بالك مشغولاً على والديك حبيبيك كما هي عادتك.. توقف قلبك ولم يتوقف نبضك.. إلى جنان الخلد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية