العدد 3295
الأحد 22 أكتوبر 2017
banner
360 درجة أيمن همام
أيمن همام
حلم الملايين
الأحد 22 أكتوبر 2017

الحلم الذي تحدث عنه مارتن لوثر كينغ في خطابه التاريخي العام 1963 تحقق نظريا بعد أقل من 5 سنوات، وذلك عندما وقع الرئيس الأميركي ليندون جونسون قانون الحقوق المدنية الذي يضمن العدل والمساواة بين الأعراق والألوان والجنسين، وكان ذلك بعد أسبوع واحد من اغتيال الزعيم الأميركي ذي الأصول الإفريقية.

وفيما تزحف الأزمة السورية بأحداثها المأسوية ودرامتها السوداوية نحو عامها الثامن، يبدو أن الحلم الذي يراود ملايين السوريين، ونحن معهم، بعودة الأمن والاستقرار إلى سوريا العروبة ونيل شعبها المقهور الحق في الحياة، لا يزال بعيد المنال.

ومع تجاوز عدد اللاجئين والمهجرين السوريين نصف عدد سكان سوريا - بحسب تقديرات الأمم المتحدة في العام 2016 - يبتعد الحلم أكثر فأكثر، وتتضاءل الآمال في عودة اللاجئين والنازحين إلى ما تبقى من وطنهم.

في لبنان، حيث يوجد أكثر من مليون لاجئ سوري، خرجت تظاهرات للمطالبة بمغادرتهم الأراضي اللبنانية، وحمل المتظاهرون لافتات من بين ما كتب عليها: “كي لا نصبح أقلية في وطننا، فاوضوا الحكومة السورية”، فيما دعا الرئيس اللبناني ميشال عون المجتمع الدولي للمساعدة على تأمين عودة آمنة للاجئين السوريين في بلاده إلى المناطق التي عاد إليها “الهدوء” في سوريا.

صحيح أن لبنان بلد صغير ولا يحتمل هذا العدد الكبير من اللاجئين، لكن أين يذهب هؤلاء بعد أن تقطعت بهم الآسباب؟ وهل كانوا سيختارون البقاء في لبنان في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشونها هناك إن لم يكونوا مجبرين على ذلك؟ فالسوريون الذين عرف عنهم عزة النفس والإباء لا يقبلون أن يكونوا ضيوفا ثقالا على أحد، لكن كل الحيل نفدت منهم ولم يبق لديهم سوى التجرع من كأس الحملات التحريضية المستمرة التي تشن عليهم في معظم البلدان التي فروا إليها.

مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تؤكد أن الظروف في سوريا غير ملائمة لعودة آمنة للاجئين، ولن تكون ملائمة أبدا في ظل رسائل التهديد والوعيد التي يطلقها أذناب النظام السوري الذين يتوعدون كل من هرب من جحيم سوريا وعاد إليها بمصير من لم يستطع الهرب منه، وكأن الشعب السوري لم يعان كفاية من الدمار والويلات والذبح والقتل والتهجير والاغتصاب.

السوريون لن يبصرون نورا في نهاية نفق الأزمة إلا بحدوث تغير جذري في قلب النظام والمعارضة معا؛ بحيث يؤثرون حقن الدماء وينتصرون للضعفاء لا لأنفسهم؛ فيبعثون الحياة في حلم الملايين قبل أن يغتاله واقع الصراع المرير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .