العدد 3263
الأربعاء 20 سبتمبر 2017
banner
حسناء الديمقراطية فقدت عشاقها!
الأربعاء 20 سبتمبر 2017

ديباجة خاطفة لابد منها، فقبل سنوات وإزاء ذروة ربيع الدم العربي الذي أبحر عنوة في تفتيت الأقطار العربية إلى أشلاءٍ بشرية وحجارة ونهب وجز رؤوس، سَطَرت حينها مقالة بعنوان حسناء الديمقراطية وكيف خدعت عشاقها الملايين وحشرتهم في هذه المذبحة؟ إثر هذه السنوات التي خلقت فيها أميركا عمداً هذه الحسناء، ورعاها أوباما وإدارته السيئة الصيت، ما هو مصير الحسناء اليوم في ظل ولاية دونالد ترامب؟ هل مازالت محتفظةً بنضارتها؟ لنزيح النقاب أو الحجاب عنها بعد هذه السنوات الدامية.

هل كانت وقتها لعنة أم نعمة؟ انقسم العرب حينها بين راغب فيها وبين باغض لها، لكنها في النهاية أضحت عقدة العرب منذ أن لعبت برؤوسهم ورقصت أو تراقصت سيان على جثثهم بعد أن سفكت الدماء وهتكت الأعراض ونهبت الممتلكات حتى بلغت في دمارها ما تفعله غالباً الحسناء الماكرة بالعاشقين إذا لم يحسنوا التواصل معها، تماماً هذه هي الديمقراطية في حياة العرب عقب قرن من الثورات المنكوبة والانقلابات المسعورة والانتفاضات الغوغائية التي استغلتها المشاريع الأميركية في السنوات الأخيرة في حقلٍ من التجارب التي من تداعياتها اليوم ما نشب في ليبيا والعراق وسوريا واليمن من نزاعات ضارية.

في عالمنا العربي، هي حسناء اسمها الديمقراطية، شعوب وقبائل تتقاتل من أجل هذه الحسناء الماكرة التي من يدخل قفصها لا يجوز بعدها لأحدٍ آخر أن يمتلكها، فلا يوجد ما يبيح للحسناء أن تتقسم على كل قبائل العرب، فمنذ الجاهلية وحتى يومنا هذا ظلت الديمقراطية هوساً بالسلطة يطمح لها الديمقراطيون! وعندما يفوزون بها يحتكرونها لأنفسهم ويرددون بفرح، لا تصدقوا الديمقراطية، فمن يفوز بها يحتكرها لنفسه ومن بعده الطوفان، أليس ذلك جلياً في العراق؟

الديمقراطية العربية مثل المرأة الحسناء، الكل يغازلها والكل يتقرب منها ويسبح بجمالها، وعندما يفوز بها يمتلكها ويقاتل من أجلها حتى لا يدنو منها أقرب الأهل والأصدقاء، فكم من شهيدٍ! قدم نفسه على مذبح الديمقراطية من دون أن يوعد بالجنة كما هو حال الانتحاريين الذين حسموا أمرهم من هذا المصطلح وعبروا البوابة نحو الجنة بمتفجرة نثرت أشلاءهم رغبة بالفردوس الموعود.

الديمقراطية، هذه الكلمة التي لا تكاد تختفي دقيقة عن لسان أي مواطن عربي والتي غزت البيوت والمجالس والمقاهي والمدارس وحتى محيط  الأطفال الذين يتبادلونها أحيانا بمرح ومن خلال النكتة فيما بينهم، هذه الكلمة السحرية والوصلة التي تشد الجميع إليها ليست سوى لعنة حلت علينا.

ما هي الديمقراطية؟ الجواب وأدرك أنه لن يعجب البعض، هي الفوضى العارمة فهل تتبرأ أميركا من مشروعها وتترك الشعوب العربية تعالج مشاكلها بنفسها دون إغراء الحسناء.

 

تنويرة:

مهما تأخر النجاح فذلك دليل وجوده.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .