العدد 3252
السبت 09 سبتمبر 2017
banner
مَن الخاسر والمُستفيد الأكبر من نقل قافلة داعش؟ (1)
السبت 09 سبتمبر 2017

صفقة ألغت كل نظريات المؤامرة السابقة بشأن أصل تنظيم داعش والجهات التي يُزعم أنها تقف وراءه وتدعمه، حيث وصفها الرافضون لها بالجهنمية والخديعة الكبرى والموالون بالانتصار السياسي ودحر الآيديولوجيات المتشدّدة، إذ نُقل ما يقارب من 300 مقاتل من عناصر تنظيم داعش مع عوائلهم من منطقة جرود عرسال اللبنانية إلى مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي على الحدود السورية العراقية الخاضعة لسيطرة التنظيم، بحافلات مرفّهة معزّزين مكرّمين مَحميين، (غالبيتهم قناصون وخبراء ألغام ومفخّخات وضباط كبار)، تحت مبرّرات بعضها ظاهر للعيان وبعضها الآخر مُبطّن مرتبط بمخطّطات المخابرات.

إلا أن التنسيق الذي كان في السرّ بين بشار الأسد وحسن نصر الله ونوري المالكي وقاسم سليماني على إدارة داعش مخابراتياً بات اليوم في العلن وسط صمت دولي (السكوت إحدى علامات الرضا!)، فبحسب المدافعين عن الاتفاق والمهللين بنجاحه، أن منطقة البوكمال حاضنة للتطرّف والإرهاب، ما يعني أن التحالف الدولي سيقضي عليه هناك، فليسألوا أنفسهم: لماذا لم يقضِ التحالف والطيران الروسي والسوري عليهم هناك في جرود عرسال بدل تقديم خدمات مرفّهة لهم ونقلهم بحافلات كبيرة إلى الحدود العراقية دون أن يعترض طريقهم أيّ أحد؟ لماذا نجح هذا الاتفاق في حين فشلت كل اتفاقيات السلام والهدنة ووقف إطلاق النار ونقل المساعدات الإنسانية والطبية بين المعارضة والنظام السوري في كل حصار أو مجزرة أو معركة طاحنة؟ في هجوم داعش على مدينة كوباني قام طيران التحالف الدولي بإسقاط الأسلحة للطرفين المحاربين، والواقع يشير إلى أن تأسيس التحالف جاء للقضاء على داعش!.

في المقابل لماذا يمتعض البعض من 300 عنصر من داعش على الحدود، ويعتبرون أنها مؤامرة خطيرة ضدّ أمنهم القومي، بينما يتغاضون عن وجود الآلاف داخل المدن السورية والعراقية أضف إليها أنظمتهم الشوفينية؟ ولماذا بعضهم يعتبر هذا الاتفاق الذي حصل بين حزب الله اللبناني من جهة  -  حزب الله حزب طائفي ووظائفي يأتمر من إيران ويمول منها، هدفه حماية النظام السوري وليس الشعب اللبناني -  وتنظيم داعش من جهة أخرى أنه مؤامرة ضد استقلال كوردستان أو ورقة ضغط قوية لإلغاء استفتائه أو تأجيله؟ أم أن هناك تعاونا سوريا إيرانيا عراقيا لعرقلة الاستفتاء المزمع إجراؤه في إقليم كوردستان، وضرب مناطق النفوذ الأميركي؟

لعلّ تعطيب أو تحجيم تنظيم داعش في دولة الخلافة المزمعة كان أمراً مؤقتاً، وسيبقى التنظيم ببساطة خاملاً لبضع سنوات، وسيظهر مرة أخرى كنوع آخر من داعش تحت مسميّات أخرى وبنفس الأهداف، تماماً كما تحوّلت القاعدة إلى جماعات إرهابية أخرى، بسبب فوضى الدول الفاشلة والحاضنة للديكتاتوريات والسياسات القمعية في أفغانستان واليمن، وعليه فإن ما يحدث في العراق وسوريا قد يفتح الباب أمام بزوغ جماعات جهادية أخرى أقرب إلى الراديكالية، في حال أرادت الدول العظمى عدم حل الأزمة السورية وتمديدها فإن المفاجآت وخلط الأوراق أمور تلعب دورها لتحقيق مكتسبات أفضل، ولعل صدقية هذا الكلام وتحويله إلى واقع ملموس جاء على لسان السفير الأميركي السابق لدى العراق (زلماي خليل زادة) معتقداً أنه من الممكن أن تتأسّس دولة كوردية في غربي كوردستان قبل 15 إلى 20 عاماً، إذاً هناك احتمال كبير بأن يأتي بعبع إرهابي آخر على غرار حركة طالبان وتنظيمي القاعدة وداعش، أو ربّما تهبط التنظيمات الإرهابية المتطرفة خصوصا أن العراق وسوريا بها منابع للإرهاب وفروع، وهو أضعف الاحتمالات. «إيلاف».

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .