قبل أيام سَرَت بين البحرينيين إشاعة تفيد بعزم وزارة المالية رفع الدعم عن الدقيق أو “الطحين” كما يسمى محليًّا، وذلك ابتداء من أكتوبر المقبل.

انتشر الخبر المفبرك في وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، وذلك لأن الشخص الذي صَمَّمَ “الإشاعة” منحها الكثير من التفاصيل لتبدو حقيقية!

فأورد مُطلق الإشاعة سعرًا جديدًا لرغيف الخبز الذي يفترض أن يباع بـ25 فلسًا، بل وصاغ الإشاعة في قالب البيان الصحفي ، وتجاوز هذه المرحلة أيضًا ليسرد مبررات اتخاذ “القرار المفترض”.    

بغض النظر عن الأهداف الكامنة وراء نشر إشاعة كهذه، فإن قمة الهرم في وزارة المالية وجهازها الإعلامي قد تعاطوا مع الإشاعة بمستوى عال من المسؤولية والاحترافية، تعاملاً يعكس الإدراك لمستوى البلبلة التي قد تحصل وما ستفرزه من نتائج.

ففي إطار التحرك السريع لنفي الإشاعة، لم ينتظر مسؤولو وزارة المالية الجهاز الإعلامي لاتخاذ الإجراءات الروتينية المطلوبة لصياغة بيان تكذيب، بل هبوا لنفي الإشاعة مباشرة عبر “تسريب” أو تصريح مُنح لموقع إخباري إلكتروني محلي، وذلك في محاولة لوأد “الإشاعة” في مهدها.

على النقيض تمامًا، يجري التعامل الرسمي مع ملف التقاعد بكثير من الغموض، رغم ورود “الإشاعات” برفع سن التقاعد في قوالب خبرية، وعبر أكثر من صحيفة بحرينية، لترفع هذه المعلومات من سخونة صيفنا هذا العام أيضًا.

أعتقد إن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، ووزير المالية المسؤول عنها، لم ينسوا لغاية اللحظة ما حصل العام الماضي عندما فقدت الأجهزة الحكومية آلاف القوى البشرية ذات الخبرة والتي سارعت للتقاعد متأثرة بإشاعات تنامت صيفًا، ولم تواجه بالوضوح والمكاشفة اللازمين.

ورغم تجدد الإشاعات/الأخبار التي تمسُ الحياة الوظيفية لعشرات الآلاف من المواطنين، إلا أن الوزير المسؤول وكذلك الهيئة العامة لم يخرجوا علينا بتصريح أو بيان واحد يقطع الشك باليقين، وينفي أو يؤكد أيًّا مما يدور في أذهان الناس من أفكار قلقة.

كصحافية ومتابعة للشأن العام، أرى في صمت الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ووزير المالية إزاء ما ينشر من أخبار/تسريبات/إشاعات في الصحافة مؤشرًا محتملاً على وجود أمر ما يحاك/يخطط/يرسم في هذا الموضوع المهم.

وعليه، أدعو الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ووزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة بتجاوب سريع ووضوح كامل إزاء احتمالية إجراء أي تغييرات في نظام التقاعد، فمملكتنا الصغيرة لا تتحمل نزيفًا جديدًا في مواردها البشرية نتيجة موجة خوف محتملة.