+A
A-

إلزام "بلدية الجنوبية" بدفع 109 آلاف دينار لورثة أرض شيّدت عليها بناء

ألزمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برئاسة القاضي جمعة الموسى وعضوية كل من القضاء محمد توفيق وطارق عبدالشكور ومحمد الدسوقي وأمانة سر عبدالله إبراهيم، بلدية المنطقة الجنوبية أن تدفع أكثر من 109 آلاف دينار لصالح ورثة عقار يقع بمنطقة عسكر ومساحته 3433 قدم مربع، أقامت عليه البلدية بناءً خاصًا بها بدون اتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية للمنفعة العامة (الاستملاك) منذ العام 2001، بعد أن هدمت البلدية البناء المشيَّد على تلك الأرض، كما أمرتها بأن تدفع مصروفات الدعوى شاملةً أتعاب الخبير المنتدب ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.

وتتمثل وقائع الدعوى في أن ورثة العقار المشار إليه كانوا قد تقدموا بلائحة دعوى أمام المحكمة المذكورة، اختصموا فيها بلدية المنطقة الجنوبية ووزارة الإسكان ووزارة البلديات، ذكروا فيه أنهم يمتلكون العقار الكائن بمنطقة عسكر بعد وفاة مورثهم في العام 1962، لكنهم فوجئوا باستيلاء الدولة على ذلك العقار وإقامة بناء عليه خاص ببلدية المنطقة الجنوبية، ودون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، بما يجعل هذا الاستيلاء بمثابة غصب للأرض محل التداعي، والتي كان عليها بناء خاص بمورثهم وتم هدمه بمعرفة جهة الإدارة.

وتقدم المدعون بمستندات تثبت ملكية الأرض (وثيقة ملكية العقار) إلى مورثهم، إضافةً إلى نسخة من شهادة حصر التركة الثابت فيها وفاته.

وانتهى الورثة إلى الطلب بإلزام المدعى عليهم بإلغاء قرار الاستملاك وتسليم المدعين الأرض محل التداعي بالبناء الذي كان مقامًا عليها، واحتياطيًا بندب خبير في الدعوى يكلف بتحديد مساحة العقار محل التداعي وتاريخ غصبه وقيمة سعر القدم المربع وما لحق المدعين من ضرر وما فاتهم من كسب وما يستحقونه من تعويض، بالإضافة إلى رسوم ومصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.

وأثناء نظر المحكمة للدعوى قضت بحكم ابتدائي بندب خبير هندسي، والذي باشر مأموريته وورود تقريره الذي انتهي فيه إلى أن مورث المدعين كان يمتلك العقار موضوع التداعي حيث تم إصدار وثيقة عقارية باسمه، وأن مساحة العقار تبلغ 3433 قدم مربع ، ولم يصدر في شأنه قرار استملاك، وإنما تم الاستيلاء عليه لإقامة مبنى المدعى عليها الأولى - بلدية المنطقة الجنوبية - وانتهى الخبير إلى تقدير سعر القدم المربع من عقار التداعي بمبلغ 32 دينار.

وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن وزارة الإسكان لا علاقة لها بالاستيلاء على الأرض موضوع التداعي بما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بشأنها لرفعها على غير ذي صفة.

وبشأن وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني، أوضحت أن المستفاد من نصوص المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 2001 بإصدار قانون البلديات، أن كل بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري ويكون لكل بلدية جهاز تـنفيذي يشكل من وحدات إدارية ويرأس الجهاز التـنفيذي لكل بلدية مدير عام وهو الذي يمثـله أمام القضاء وفي مواجهة الغير، ولما كان المستقر عليه أن الدعوى يجب أن توجه إلى من يمثل الشخص الاعتباري العام الذي أصدر القرار المطعون فيه أمام القضاء، فهو وحده صاحب الصفة في أن يختصم كمدعى عليه في الدعوى.

ولما كان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن العقار محل التداعي تم الاستيلاء عليه لإقامة مبنى المدعى عليها الأولى - بلدية المنطقة الجنوبية - والذى يعود إلى سنة 2001 على أقل تقدير، ومن ثم تكون الأخيرة هي صاحب الصفة في أن تُختَصَم في الدعوى الماثلة دون وزارة البلديات، ويغدو الدفع الماثل في محله، بما يتعين معه القضاء بعدم  قبول الدعوى؛ وذلك لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة إلى وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني.

وأشارت إلى أنه وفيما يخص طلب المدعين بإلغاء قرار الاستملاك الصادر في شأن الأرض موضوع التداعي وتسليمهم الأرض محل التداعي بالبناء الذي كان مقامًا عليها، فالثابت من تقرير الخبير - والذى تطمئن إليه المحكمة - عدم صدور قرار استملاك في شأن الأرض موضوع التداعي، وإنما تم الاستيلاء عليها لإقامة مبنى بلدية المنطقة الجنوبية، وأن معالم البناء الذي كان مقامًا على تلك الأرض قد اندثرت مع نهاية حقبة تسعينات القرن الماضي بعدما تم هدم ذلك البناء وإقامة مبنى البلدية، بالإضافة إلى وجود أملاك خاصة وحكومية في الجهتين الشمالية والغربية لحدود هذه الأرض، الأمر الذي يغدو معه ذلك الطلب - والحالة هذه - قائمًا على غير سند من الواقع والقانون جديرًا بالرفض.

أما عن طلب الورثة للتعويض عن الاستيلاء على الأرض، فقالت إن مناط مسؤولية الإدارة الموجبة للتعويض هو توافر ثلاثة أركان هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، وحيث أنه من المستقر عليه أن استيلاء الحكومة على العقار جبرًا عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسؤوليتها عن التعويض ويكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع، له أن يطالب بتعويض الضرر سواءً ما كان قائمًا وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك.

وأضافت أنه وبناءً على تقرير الخبير، فإن العقار المملوك لمورث المدعين تم الاستيلاء عليه من قبل البلدية، لإقامة مبنى تابع للبلدية يعود إلى عام 2001 على أقل تقدير، دون أن يصدر قرار في شأن استملاك ذلك العقار، ودون تعويض المدعين عن ذلك، وهو ما لم تجحده المدعى عليها الأولى التي لم تمثل بالتداعي لتدفع الدعوى بثمة دفع أو دفاع رغم إعلانها على النحو المقرر قانونًا، الأمر الذي يعتبر معه ذلك الاستيلاء بمثابة غصب يستوجب مسؤولية جهة الإدارة بتعويض الضرر الناتج عن ذلك، لاسيما مع استحالة التنفيذ العيني بتسليمهم الأرض محل التداعي، بسبب إقامة مبنى البلدية.

وقال الخبير المنتدب في تقريره إن قيمة القدم المربع من العقار محل التداعي تقدر بمبلغ 32 دينار، وأن مساحة ذلك العقار 3433 قدم مربع، وهو ما اطمأنت إليه المحكمة.

فلهذه الأسباب قضت المحكمة بإلزام بلدية المنطقة الجنوبية بأن تؤدي للمدعين مبلغًا وقدره 109 آلاف و856 دينارًا، على النحو المبين بالأسباب، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعى عليها الأولى المصروفات وأتعاب الخبرة ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.