العدد 3210
السبت 29 يوليو 2017
banner
استراتيجية الخداع والمماطلة القطرية (2)
السبت 29 يوليو 2017

المسألة إذا ليست فرض وصاية، وليست إبعادا عن قيم أخلاقية مزعومة، ولا أي شيء من هذا الكلام الخاوي من المعاني والادعاءات التي ترددها آلة الدعاية القطرية، بل محاولة جادة لوضع مرآة أمام قطر كي تستطيع مكاشفة نفسها والتطهر من هذا الكم الهائل من المغالطات والجرائم.

نعرف مسبقاً أن حكومة قطر لا تهمها مصلحة شعبها في شيء، فلو كان الأمر كذلك لما أنفقت وأهدرت كل هذه المليارات في مشروعات ضد مصلحة هذا الشعب وبقية الشعوب العربية، ولكن قائمة المطالب هي مسعى جاد لاستعادة قطر المخطوفة وتطهيرها من جرائم هذا النظام، وبالتالي فإن الظهور بمظهر الضحية والإصرار على ترويج فكرة المظلومية سيعرض الدولة القطرية لمزيد من الضغوط والعقوبات، وكان حتماً على القيادة القطرية أن تقرأ “الرسالة” جيداً منذ البداية بدلاً من الرهان على عامل الوقت والوساطات في الضغط على الدول المقاطعة للتنازل عن مطالبها، فقد كان واضحاً منذ البداية أن الكيل فاض، وقيل ذلك تصريحاً وتلميحاً، من عواصم الدول المقاطعة، ولكن القيادة القطرية راهنت كعادتها على حسابات لم يكن لها نصيب من الدقة منذ البداية، فكان هذا المأزق المعقد الذي يواجه الشعب القطري بأكمله الآن.

لم تقدم قطر أية بوادر حسن نية تجاه دول الجوار كي يمكنها بناء قضية وتسويق موقفها لدى العالم، بل التزمت العناد والكبر، وصممت على انتزاع نصر سياسي مزعوم، بغض النظر عن المليارات التي خسرها الاقتصاد القطري في هذه الأزمة، ومضت وتكبرت ولم يكن في البال سوى الرهان على ضغوط المجتمع الدولي والتلويح بورقة إيران وتركيا، من دون إدراك دقيق لحجم هذه الورقة التي لم تعد تثير قلق أي طرف! أقولها للقيادة القطرية بكل موضوعية: الملالي لن يخوضوا حرباً من أجل الدفاع عن قطر، والسلطان أردوغان سيكون أول المشيعين في حال لاحت له في الأفق مصالح استراتيجية أهم وأكثر فائدة، ومقدرتكم على الإمساك بكل الخيوط والأوراق لعبة خطرة أنتم أول الخاسرين فيها، فدور قطر، بل لعبتها، كانت مصلحة لأطراف إقليمية ودولية كثيرة، والآن وقد تغيرت الأمور وتبدلت الأحوال والحسابات الاستراتيجية، وموازين القوى الإقليمية والدولية نوعاً ما، فإن الموقف قد تغير جذرياً، والإرهاب ينهزم ويتلقى الضربات واحدة تلو أخرى، وأصبح رهان الدوحة عليه مسألة لم يشهد لها التاريخ مثالاً في الغباء وسوء التقدير بل الانتحار السياسي!

هل تفيق قطر قبل الأوان؟ أنا شخصياً لدي يقين بأن ذلك لن يحدث لسبب بسيط هو قناعتي بأن قطر متورطة حتى النخاع في دعم متطرفين. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .