العدد 3208
الخميس 27 يوليو 2017
banner
العلوي... السيد الرائع... الممتاز
الخميس 27 يوليو 2017

فقط لنلاحظ ما الذي يجري بعد الدقائق الخمس الأولى من أول لقاء بين اثنين أو بين مجموعة أشخاص، في الغالب الأعمّ فإن روحاً من السلبية والتشاؤم والحديث اليائس البائس ستعمّ في الأجواء، أكثرنا يميل إلى هذا الشيء، بمن فيهم من تقرأون له، لدينا قدرة عظيمة على تسميم أجواء أية جلسة، وتغليب الجوانب النكدية على أي جانب آخر ربما يفتح أبواب الأمل، ويجعلنا مقبلين على الحياة بعزم وإصرار، وبروح معنوية عالية. رغبتنا عالية في لعب دور الضحية، ونستعذب أن ننام مظلومين، حسناً... لن ننام ظالمين، ولكن أليس من الأفضل أن ننام سعداء؟!

أجد في من حولي استثناء، ربما لم تسمح لي علاقاتي المحدودة نوعاً ما أن أعرف غيره، وهو الدكتور صادق العلوي، الذي غالباً ما يلقى الجميع بروح تجمع بين المرح والتفاؤل وتحفيز الأجواء بسخرية مستترة، وما إن تصافحه سائلاً عن الأحوال حتى يردّ عليك من أقاصي قلبه بعبارة مفعمة بكل ما يمكن الوصول إليه من وصف إيجابي، وبلكنة أميركية صافية: “Wonderful” (رائع)، ثم يبادر بشكل عفوي في تعداد أمور جميلة ومفرحة وسعيدة وإيجابية في حياته، أو في عمله، وإذا أسعفه الوقت شرح بعضاً من خططه لما يريد إنجازه، ومضى، تاركاً إياك في غلالة من شعور بأن “بالإمكان... لم لا؟!”.

الدكتور صادق العلوي، في نظري، أندر من الكبريت الأحمر (وفي بعض الروايات “الأصفر”) في مواجهة جيوش المحبَطين من المحبِطين، الذي يجرّون أجسادهم جرّاً نتيجة نشرات أخبار لا تحمل إلا الموت والدمار والخراب والانفجارات والقتل والتهجير والكوارث الطبيعية، وقلّما تحفل بالمنجزات والتطورات وانفتاح أقفال ما كنا نظن أن لها مفاتيح.

يأتونك مثقلين من طبقات من المسؤولين يريدون النجاة بأنفسهم من المساءلة ممن فوقهم، فيجلدون من دونهم بوعي أو من غير وعي، يريدون أن يعصروا زيتهم، ولكنهم يجهلون كيف يستخرجون أفضل ما في مرؤوسيهم فتطيش الرسائل عن الأهداف وتتحول إلى “مناحات” بدلاً من توجيهات.

المحبَطين ليسوا دائماً ضحايا غيرهم، فهم يتحولون إلى محبِطين لغيرهم إن لم يخرجوا من هذه الدوامة والعلاقة التبادلية مع الشعور السيء، يعملون العمل نفسه مع غيرهم.

يأتونك مشوّشين من مستقبلٍ يتقلّب بسرعة، وكل ما يقال حولك يشير إلى أن الأمس أفضل من اليوم، واليوم أفضل من الغد، فتضمحل جرعة التفاؤل بالنسبة للفرد وأبنائه، وأكثر الأخبار رواجاً هي التي تحكي عن التجاوزات المالية والإدارية واللا معقولية، والأكثر إحباطاً عندما يصعقك البعض عن التناقض الصارخ بين ادّعاءات بعض من كنت تتعلق بأثواب الأمل فيهم، وبين ما يفعلونه في الواقع، فتكتشف أنك لا تفعل شيئاً سوى التشبث بأذيال الخيبة. أرأيتم...؟! ها هو الحديث ذا قادني إلى ما كنت أحذر وأحذّر.

فإن صادفتم د. صادق العلوي، أو من هو في حزبه، فالزموهم، فقد سألته منذ أسبوع: “ألا تزال الأوضاع Wonderful؟”، قال: “لا... لقد أصبحت ممتازة... Outstanding”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية