العدد 3206
الثلاثاء 25 يوليو 2017
banner
سوق العمل .. ضربة جديدة
الثلاثاء 25 يوليو 2017

شرعت هيئة تنظيم سوق العمل منذ يومين في تنفيذ برنامج جديد، اعتبرته “مرحلة جديدة” في مشروع إصلاح سوق العمل عبر منح جزء من العمالة غير القانونية تصريح عمل أسمته “المرن”. 

ووفق ما أعلنته الهيئة، فإن “المرن” يسمح لهؤلاء “غير القانونيين” بشرعنة وجودهم بيننا وممارسة أي عمل يريدونه باستثناء الوظائف التي تتطلب ترخيصًا احترافيًّا كالأطباء والممرضين والصيادلة والمهندسين.. إلخ. 

وبالمناسبة، فإن الوظائف التي تتطلب مزاولتها ترخيصًا احترافيًّا، محدودة جدًّا في البحرين، ومهنة الصحافة بما تتطلبه من مهام وأدوار ومهارات متعددة، لا تستلزم “ترخيصًا احترافيًّا”. 

هذا المقال بما يحمله من هواجس مشروعة، لا يشكك أبدًا فيما يحمله مسؤولو “هيئة السوق” من نوايا حسنة، ورغبة مثبتة بوقف محاولات استغلال العمالة غير القانونية، والحد من أي ممارسات يمكن أن تصنف اتجارًا بالبشر. 

غير أن النوايا الطيبة، يجب أن لا تنسينا أن هذه العمالة موجودة بصفة غير قانونية على أرض البحرين كون صاحب العمل/الكفيل أو العامل قد أخل بمسؤولياته القانونية للحصول على إقامة شرعية، وعليه فإن تدشين البرنامج يمس أولاً مبدأ العدالة بما يحمله من مساواة الملتزمين بالقانون والمخالفين له في حق العمل.

والغريب أن العامل الذي يصنف اليوم بـ“المخالف”، سيعطيه النظام الجديد مرونة في العمل والحركة لن يحصل عليها العمال والموظفون الأجانب الملتزمون بالقانون، وإن أرادوا ذلك، وأبدوا استعدادًا لدفع ما يلزم من رسوم! 

هذا، وسيمنح “العمل المرن” لأرباب العمل والعمال الأجانب فسحة للمزيد من التراخي في التعامل مع القانون وأداء متطلباته، متحلين بأمل أن يمتد تفعيل البرنامج المحصور حاليًّا بالمخالفين قبل تاريخ 20 سبتمبر، ليشمل من خالف بعده. 

نظرة بسيطة على الإعلان عن الترخيص الجديد وما تلاه من ردود فعل، سنصل لنتيجة أن التجار وأصحاب الأعمال هم أبرز المستفيدين منه، وقد أعلنوها صراحة أن “العمل المرن” سيمكنهم من الحصول على عامل بتكلفة أقل، فالأخير هو من سيتحمل رسوم إقامته وتجديدها.     

ومقابل هذا الموقف الإيجابي الوحيد، لم نسمع ترحيبًا صدر من جانب النقابات العمالية أو الكيانات الحقوقية أو السفارات الأجنبية، وكل ما أعلن من إشادة وثناء جاء عبر بيانات صدرت من جهة هيئة السوق والتجار فقط.  

بل إن كثيرًا من العمال والنقابيين أبدوا تخوفًا من أن ينافس آلاف العمال “المرنون” علنًا البحرينيين في مهن كـ”حارس أمن، والسائق و ..”، وهي وظائف لا تحتاج كثيرًا من المهارات ويشغلها شريحة واسعة من المواطنين، وذلك بعد أن كان المخالفون يعملون في الظل وبمهن شاقة.  

وعليه، أدعو مسؤولي هيئة تنظيم سوق العمل ألا ينسيهم شغف الحفاظ على موقع البحرين الدولي في ملف مكافحة الاتجار بالبشر أو تصفيق مجموعة من رجال الأعمال عن المبدأ الأساس والرئيس لتأسيس الهيئة، وهو تعزيز موقع البحريني في سوق العمل. 

ويجب ألا ينسى قادة الهيئة معادلة وجودها ونشأتها، وهي “زيادة تكلفة العامل الأجنبي ورفع كفاءة المواطن”، وذلك من خلال “زيادة رسوم رخص عمل الأجانب وتحويلها إلى موارد مالية لصندوق العمل (تمكين) ليتولى بدوره تدريب البحرينيين”.  

لا نرغب في الاستعجال بالحكم على ترخيص العمل المرن، ولكن في قراءة أولية له، يبدو “ضربة جديدة” لسوق العمل البحريني.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية