العدد 3204
الأحد 23 يوليو 2017
banner
360 درجة أيمن همام
أيمن همام
السبق الصحافي وبناء الثقة
الأحد 23 يوليو 2017

 

الثقة واحدة من أهم مكونات البنية الاجتماعية، وفي علم النفس هي الاعتقاد بأن الشخص الموثوق به سيفعل ما هو متوقع منه.

وفيما تستغرق عملية بناء الثقة وقتا طويلا، فإنها إذا فقدت أو اهتزت يصعب جدا استعادتها.

وتعد الثقة أهم قيمة يمكن أن تملكها مؤسسة صحافية، وهي الركيزة التي من دونها لن تصمد في وجه رياح التغيرات العاتية التي تعصف بالواقع الإعلامي، ولن تستوعب القواعد الجديدة التي يفرضها دخول “السوشيال ميديا” كلاعب رئيس يتصدر المشهد الإعلامي المعاصر.

في ظل المنافسة المحتدمة بين وسائل الإعلام كافة، والصحف خصوصا، تسعى كل وسيلة إلى استخدام جميع الأدوات التي تمكنها من التميز أو تعينها على الاستمرار في تقديم رسالتها، ولعل أبرز هذه الأدوات السبق الصحافي والانفراد والمواد الحصرية، ورغم نجاعة هذه الأدوات إلا أن عدم استخدامها بحصافة يؤدي إلى فقدان ثقة الجمهور، وبالتالي يهدد بقاء الوسيلة الإعلامية نفسها.

التجارب السابقة أثبتت أنه مهما حققت وسيلة إعلامية من نجاح بسبب اهتمامها بالسبق الصحافي فإن نجمها سرعان ما يخبو عندما يكتشف جمهورها فيما بعد أنها لم تراع عنصري الحقيقة والدقة في نقل الخبر، فحينئذ لن يعتبرها مصدرا موثوقا للحصول على المعلومات والأخبار. الفشل المتكرر في تقديم رواية دقيقة للحدث يفقد أي صحيفة مصداقيتها ويعطي انطباعا للقارئ بأنها غير قادرة على الالتزام بالحد الأدنى من ضرورات العمل الصحافي، الذي يفرض عليها تزويد جمهورها بالحقيقة ومحاولة تفسير الخبر بأمانة وشفافية، مع الالتزام بالحياد والموضوعية، خصوصا أثناء تغطية الأخبار العاجلة.

في بعض الأحيان قد لا يحالف الصحيفة الصواب فيما يتعلق بمهمة تقديم الخبر بدقة وموضوعية، إذ قد يرتكب الصحافيون أخطاء بسبب ضيق الوقت؛ سعيا لتحقيق السبق الصحافي. لكن في حال ارتكاب الخطأ ينبغي الاعتذار عنه بشكل واضح فور اكتشافه، فالاعتذار عن الخطأ يسهم في بناء الثقة والحفاظ عليها، إذ تظهر الأبحاث الحديثة في علم الاجتماع أن اهتزاز الثقة من الممكن أن يتم التسامح معه بسهولة إذا كان ناتجا عن ضعف في القدرة وليس قلة في الأمانة أو الصدق. بناء الثقة يفرض تحديا كبيرا على جميع المؤسسات الصحافية، والجدل لن ينتهي بشأن كيفية تحييد الصحافي رؤيته الخاصة للحقيقة ووضع خط فاصل بين الخبر والرأي. لكن بالجهد الجماعي يمكن أن يحدث توازن مقبول بين السبق الصحافي والدقة، ومع تراكم المواقف التي تنجح فيها الصحيفة في تحقيق هذا التوازن ستتعزز ثقة القراء فيها ويزداد تعلقهم بها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .