من غير المناسب ألا نقرأ ما بين السطور، عندما نكون في حضرة مجلس الرئيس، فالمتابع الذي لا تأكله التهيؤات، والذي لا يخطئه نور البصيرة، يصبح دائمًا على أهبة الاستعداد، ودائما على المحك.

في أكثر من مجلس للرئيس الوالد، كانت الرسائل المختلطة مزدحمة بالمعلومات، مفعمة بالإشارات والتوجيهات، ومن يكون سعيد الحظ، هو الذي يلمح الاتجاه الصحيح في الوقت الصحيح، هو الذي يلتقط الخيط الرفيع من قلب السياق المنيع، ونحمد الله ونشكر فضله أن القراءات مازالت دقيقة من الجميع، حيث الكلام كان أكثر دقة من الرئيس، سموه يشدد على اللحمة الوطنية، ونحن نقرأ التوجيه مثلما جاء في بيان القائد، سموه ينحاز لقضايا المواطن وأصول المواطنة، ونحن لا نغرد بعيدا عن السرب، في اليوم التالي تخرج بعض المقالات وكأنها رسائل إلى كل من يهمه الأمر ممتلئة بالأشجان والإرهاصات الحلوة، في حين يجنح بعضها الآخر إلى التوثيق والنقل المباشر لكلام الرئيس، في كلتا الحالتين يتحول الزخم العفوي إلى إرادة وطنية، إلى مواقف إنسانية، إلى قرارات حاسمة، وتحركات واعية من الفعاليات باتجاه القائد الملهم، كأنها تريد أن تلبي النداء، وكأنها تسعى إلى محراب الرئيس بخطى واثقة لتقول: نحن معك إلى آخر المشوار، نحن معك حتى آخر العمر والمدار.

إن المواطنة الحقة هي الأساس القويم للحمة الوطنية، هي البنيان المتين للأمم العفية، وهي حائط الصد في مواجهة التحديات، ودرء المخاطر والاحتدامات.

كثيراً ما يولي رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه اهتماما بالغا بمبادئ الوحدة، ويحذر مما أصاب الدول القريبة من جراء الانقسامات والاحتقانات الفئوية والطائفية والمذهبية، ويدعو بإحساس القائد المسؤول إلى القبول بالآخر والتعايش السلمي معه وحتى الاختلاف في الرأي بالحسنى وملاقاته بالتي هي أقوم، هنا يمكن أن نقي الوطن شرور التصدعات وننأى به عن المغالاة وارتكاب الحماقات.

سموه يوقظ فينا دائماً ذلك الشعور الوطني الفياض بنخوة الشقيق وأخوة الصديق وعشرة السنين ورفقة الطريق، رغم ذلك تأتي إلينا بعض الأصوات النشاز مهللة بالفراق، كافرة بعروبتنا ووحدتنا وعمق عراقتنا، لأولئك وهؤلاء أقول: موتوا بغيظكم، لن يفرقنا دخيل ولن يمزقنا عميل فالرئيس القائد الذي يقرأ في تفاصيل التفاصيل منتبه، يقظ، فطن بأن وطنا للجميع، أبدا لا يضيع.