العدد 3192
الثلاثاء 11 يوليو 2017
banner
قانون الأسرة... وجدل جديد
الثلاثاء 11 يوليو 2017

غلف الجدل الحراك الاجتماعي الرسمي والأهلي لإقرار قانون الأسرة منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي أعطى صوتًا أعلى للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية والتي اعتبرته بدورها خطوة ضرورية نحو تعزيز واقع المرأة والطفل وحقوق المتقاضين أيضًا.

الجدل الذي استمر لعقد ونيف، وغذته معارضة قوى موغلة في المحافظة، تمحور بشكل أساس حول مبدأ إقرار القانون والحديث المتكرر عن ضمانات دستورية بعدم تغييره.   

وباعتقادي، فإن الجدل بشأن القانون الذي هو قاب قوسين أو أدنى من عبور القنوات الدستورية ليبصر النور، لن يخف أبدًا بعد إقراره، بل سترتفع الأصوات مجددًا لتطالب بحوار جديد بشأن تفاصيل بنوده ومواده التي تمسُ الحياة العائلية لكل واحد منا.

وبقراءة سريعة على نصوص القانون (النسخة الأخيرة)، سنجد أن اللجنة الشرعية لم تختر أكثر الآراء الفقهية “انفتاحًا”، فلم تعتمد في أحكام الزواج (المذهب السني) مثلاً آراء مدرسة الإمام أبي حنيفة النعمان الذي أكد حق المرأة بأن تزوِّج نفسها من دون إذن وليها وفق شروط، وإنما اعتمدت بالمجمل آراء مدرسة الإمام مالك ابن انس استنادًا لعوامل اجتماعية تاريخية.

نظرة أخرى على النصوص، ستَكشفُ أن اللجنة الشرعية المكلفة بدراسة القانون، لم تأخذ بالمقترح الشوري الذي أغلق الباب على تزويج الفتيات دون سن الـ14 ربيعًا تحت أي ظروف، وقطع الطريق أمام حرمانهن من المدرسة والتعليم.

وأبقى المشروع في صيغته الأخيرة المحولة للسلطة التشريعية على إمكان تزويج الصغيرات “بإذن المحكمة الشرعية إذا ما تحققت من ملاءمة الزواج” وإن لم تتجاوز أعمارهن 12 أو 10 سنوات.

عبور خاطف على مواد الطلاق والخلع والتطليق بمشروع قانون الأسرة الموحد، سيهدم أحلام المتفائلين بإنهاء ما نسمعه ويرد إلينا عن معاناة النساء “الجعفريات” أثناء محاولاتهن للخروج من تجارب زواج فاشلة والحصول على حكم بالتطليق.

فالقانون الذي منح في شقه السني للقاضي صلاحية التطليق بحالة الشقاق المستمر إذا ما أقر حَكمان من أهل الزوجين تعذر الصلح، ألغى هذه الجزئية عن الشق الجعفري، وجعل التطليق مشروطًا بموافقة الزوج وتفويضه للحكمين بذلك مع دفع الزوجة بذلاً/مقابلاً لهذه الخطوة.

لا شك أن عملية إقرار قانون الأسرة تشكّل خطوة نحو الأمام، ستدفع باتجاه تحريك المياه الراكدة في المحاكم الشرعية، فالنقاش المقبل سيكون على مواد/نصوص واضحة، وليس مقتصرًا على آراء/فتاوى/أحكام تصدر داخل غرفة مغلقة... نقاش مدفوع برؤية شبابية جديدة لعائلة عصرية ستضغط نحو قراءة حداثية للنصوص الفقهية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية