العدد 3186
الأربعاء 05 يوليو 2017
banner
القومية بين المبادئ والتجارة
الأربعاء 05 يوليو 2017

في نوع من الرغبة في المعرفة والاستطلاع تابعت مسلسل الجماعة في جزئه الثاني الذي عرض في رمضان المنصرم، وكان حدسي صحيحا حين وجدت الكثير من الأحداث والمواقف ليست كما عرفنا وقرأنا خلال السنوات الماضية، ربما من أجل الحبكة الدرامية تم تحوير بعض المواقف أو إضافة البعض منها... ربما، ولكن مع ذلك احتوى المسلسل الكثير من الحقائق حول جماعة الإخوان المسلمين وموقفها من الثورة وعبدالناصر وعدائها الشخصي والسياسي والفكري له، وعلاقاتها مع المخابرات الغربية التي تحاول حتى اليوم نفيها، وربما الشيء الجديد الذي عرضه المسلسل هو الحالة النفسية للكاتب سيد قطب التي أدت به إلى وضع الفكر التكفيري الذي سارت عليه الجماعة منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا.

ربما ناقش المسلسل قضية مهمة وهي كيفية وقدرة الجماعة على الاستمرار رغم كل ما حدث والضربات التي صاحبت مسيرتها التي كان يمكن أن تحد من قدرتها المستقبلية لولا الرغبة الشخصية والمخابراتية في ضرب عبدالناصر فكرا ومبادئا بعد العام 1973 حين أقدم السادات ومعه بعض الأنظمة العربية والمخابرات الغربية على الاستعانة بها لتحقيق ذلك الهدف وأعاد لها القدرة على الفعل والعمل حتى وصلت إلى ما نشاهده في الوقت الراهن من قدرة على إشاعة الفوضى والإرهاب في مصر وباقي الوطن العربي، وهذا ما سنشاهده ربما في الجزء القادم بمشيئة الله لو قدر لنا ذلك.

الأمر المهم في هذا الجانب، أي القدرة على الاستمرار، كيفية ربط الجماعة أعضائها بها من خلال الجانب الاقتصادي والاجتماعي، فهي ربطت العامل التجاري الاقتصادي بالجانب السياسي وليس الفكري، واستطاعت وضع الأغلال في أرجل المنتسبين لها منذ الوهلة الأولى لضمهم لصفوفها عن طريق ذلك الجانب والحاجة من قبلهم لخدماتها الاقتصادية والاجتماعية إلى الدرجة التي يصعب على أي منهم ترك الجماعة أو التخلي عنها بمجرد الدخول فيها.

هذا يقودنا إلى جانب مهم ربما يمثل أحد جوانب الاختلاف بين هذه الجماعة من جانب وبين أصحاب أو حاملي الفكر العروبي من الجانب الآخر، فقد اهتمت جماعة الإخوان المسلمين بذاتها وتنظيمها وليس بالمبادئ أو القيم الوطنية ورأت أن الجماعة هي الأساس لا الوطن والأمة، لذلك عملت على تقوية الجماعة (كجماعة) على حساب الوطن، ومن أجل ذلك اهتمت بالجانب الاقتصادي في عملها حتى غدت تدر الملايين من الأعمال التجارية المتشعبة التي يمارسها أعضاؤها بصورة مستقلة أو نيابة عن الجماعة ذاتها، وعلى العكس من ذلك كان حاملو الفكر القومي مهتمين دائما بالوطن والأمة ويعملون على تحقيق أهدافهما، لذلك لم يفكروا بصورة جماعية في الجانب الاقتصادي التجاري الذي يمكن أن يشغلهم عن هموم وطنهم وأمتهم... وللحديث صلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .