العدد 3156
الإثنين 05 يونيو 2017
banner
ماركس يفشل في العراق
الإثنين 05 يونيو 2017

بالرغم من مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على سقوط النظرية الماركسية في “أوروبا “ وغيرها إلا أنها على ما يبدو تريد تأكيد الفشل مرة أخرى ولكن في العراق هذه المرة مع أن العراق لم يعرف هذه النظرية في التطبيق العملي من قبل بل كان نظاما قوميا عربيا مسلما، فقد تحدثت تلك النظرية عن ظهور النقيض في كل عمل أو تطبيق أو مادة أو ما شابه ذلك، بمعنى أنه لو حدث تطور في مجال معين فإن نقيضه يكمن بداخله ويحدث الصراع بينهما ليخرج بعد ذلك شيء ثالث يحمل بداخله نقيضه هو الآخر وهكذا دواليك كل شيء يحمل نقيضه ويعيش الصراع الداخلي.

قد يفسر البعض ما يجري في العراق بأنه تطبيق عملي لتلك النظرية حين نرى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية منذ سنوات قليلة ثم فجأة وكردة فعل يخرج علينا ما سمي بالحشد الشعبي ليتم تصويره على أنه محارب لهذا التنظيم المتطرف أو مناقض لوجوده وفعله، مع أن الحقيقة الساطعة لكل من يريد أن يفهم تقول إنهما غير متناقضين في الفعل في حقيقة الأمر، بل هما يسيران في اتجاه واحد ويؤديان إلى نتيجة واحدة هي تدمير العراق ومعه سوريا وتفتيت وحدتهما الوطنية وزرع الفتنة داخل مجتمعهما، فالأول يخدم الثاني ويحدد مساره ومواقع عمله ليقوم بتغيير ديمغرافية العراق وتركيبته السكانية ومعه سوريا التي تسير على نفس النهج.

ما يراه كثيرون وما تؤكده الأحداث ويؤكده مسارها وحتى نتائجها أن التنظيمين خرجا معا وأصبحا جيشين محاربين يعد كل منهما بعشرات الآلاف ومسلح بمختلف الأسلحة وكل ذلك يحدث بصورة مفاجئة ودون مقدمات لينهضا بمهمة واحدة تم رسمها لهما في غرف مغلقة ويؤديان هذا الدور بصورة متناسقة تصور أو توحي بالتناقض بينهما ولكنها في حقيقة الأمر تخدم التكامل بين الاثنين وتحقق النتائج المطلوبة من وجودهما معا، هما ليسا على النقيض كما يرى بعض الماركسيين ولن ينتجا منتجا آخر من خلال تطورهما والصراع بينهما، بل هما شيء واحد ينتج منتجا واحدا متوافقا مع سبب وجودهما وليس مع تناقضهما، لذلك قلنا إن الساحة العراقية تؤكد من جديد فشل نظرية المتناقضات التي تحدث عنها ماركس، ولكنها تحولت إلى ساحة تجارب لا تنتهي وآخر تلك التجارب هي وجود ما أسمي بالحشد الشعبي الذي تم إيجاده تحت ذريعة وجود تنظيم الدولة إلا أنه أوجد ليقوم بمهمة محددة عجز النظام الطائفي ومعه الغزو الغربي عن تحقيقها من قبل وهي إفراغ مناطق المقاومة لكل ذلك وما يحدث في العراق من عناصرها وإعجازها عن القيام بما دأبت على القيام به منذ العام 2003 من مناهضة لواقع يراد فرضه على الشعب العربي في العراق وهو رافض له.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .