+A
A-

مأذونون شرعيون لـ “البلاد”: 85 % من زيجات المحاكم الجعفرية مشروطة... و10 % للسنية

- البلاد ترصد شروط زواج "غريبة" بين البحرينيين

- عريس يطالب عروسه بالمشاركة بسداد إيجار الشقة الزوجية

- عروس تشترط على خاطبها استكمال دراسته الثانوية والجامعية

- أب يشترط بقاء العريس ضمن مدرسة فقهية محددة

- ولي فتاة يشترط ألا تخدم البنت في بيت الزوجية

 

 

 قال مأذونون شرعيون إن تفعيل جزئية الشروط في عقود الزواج المبرمة وفق المذهب السني منخفض جداً، ولا تتعدى نسبته الـ 10 % من مجمل الوثائق.

وأشاروا في حديث لـ “البلاد” بأن الوضع مختلف تماماً بالنسبة للعقود المبرمة وفق المذهب الجعفري، إذ ترتفع نسبة وجود الشروط لتصل لقرابة الـ 85 %.

وأكد جميع المأذونين المستطلعين أن الرجال (وفق المذهبين) نادراً ما يضعون شروطا في عقود الزواج، وهنالك حالات محدودة جداً.  

وقالوا: تتصدر طالبات السكن المستقل، واستكمال الدراسة الجامعية، وعدم ممانعة العمل قائمة الشروط الموضوعة من جانب الفتيات، فيما يتلاشى شرط “السماح بقيادة السيارة” بعد أن كان مألوفا في فترة التسعينات.  

وتحدث المأذونون الشرعيون لـ “البلاد” عن مجموعة من الشروط الغريبة التي تفاجأوا بها أثناء إبرام العقود، وأبرزها طلب عريس إضافة شرط بمشاركة عروسه في سداد إيجار الشقة الزوجية، كما وثقت عروس شرطا على خطيبها يقضي باستكماله دراسته الثانوية والجامعية أيضاً.

وفي إطار الشروط الغريبة، قال مأذون: تفاجات مرة بأب يشترط بقاء العريس على خط فقهي محدد، وألا يغيره أبداً، وهو شرط رفضت المحكمة توثيقه لاحقاً.

وأفاد مأذون آخر بأن ولي فتاة رغب بوضع شرط يقضي بأن “لا تخدم البنت في منزل الزوجية أبداً”.  

 

غير قابل

وقال المأذون الشرعي عبدالناصر محمد الصديقي (المحرق) إن نسبة ضئيلة جداً من العقود التي أبرمها قد تضمنت شروطاً، وقد تشكل هذه العقود المشروطة ما نسبته 1 % فقط.  

وأردف: إن من يضع الشروط عادة هو البنت أو وليها، فتلزمه بـ “استكمال دراستها الجامعية”، و”عدم الممانعة من العمل” أو “مسكن خاص” في بعض الأحيان.  

وأضاف: طلب أحد الآباء مرة إضافة شرط “أن يضع الزوج الفتاة في عيونه”، وأخبرته أن هذا الشرط غير قابل للتدوين.    

وأشار المأذون الشرعي محمد المالكي (الحد) إلى أن خبرته في إبرام عقود الزواج أثمرت قرابة الـ 300 وثيقة زواج، وأن ما يتراوح بين 90 و95 % منها لم يتضمن أي شروط.

 

التوثيق الخطي

وأكد المالكي أن الرجال لا يضعون أي شروط، بينما ما نسبته 5 % من النساء قد اشترطن التمتع بسكن خاص، ويبرز هذا المطلب في المرتبة الأولى بأولوية الشروط.  

واستطرد: يحتل كل من “استكمال الدراسة” و”الاستمرار في العمل” أو “عدم الممانعة في العمل” المرتبة الثانية.    

وأوضح المالكي الذي أبرم عقود زواج في كل من الحد والمحرق والرفاع ومدينة حمد، أن أسرة العروس يضعون الشروط لتلافي أي مشكلات مستقبلية مع الزوج.  

وبين أن كثيرا من الخاطبين يتفاهمون على مجموعة شروط، ولكن دون أن تصل لمرحلة التوثيق الخطي، والأفضل أن يجري كتابتها كجزء من العقد.

 

وعد وشرط

بدوره، قال المأذون الشرعي إبراهيم مطر الذي أمضى قرابة الـ 10 سنوات في منطقة البسيتين وما حولها: إن أولياء أمور البنت (الأب أو العم) يشترطون أحيانا أن تستكمل دراستها أو تبقى في وظيفتها.

وبيَّن المالكي أن اشتراط “السكن المستقبل” يعد من النوادر التي شهدها خلال تجربته كمأذون شرعي، موضحاً أنه لم يشهد أبداً حالة قد بادر الزوج فيها بوضع أي شروط.

وأما المأذون الشرعي سعيد يوسف عيد (مدينة عيسى)، فأشار إلى أنه قد وثق شرطاً واحداً لعريس طوال فترة عمله في هذا المجال ولأكثر من 15 سنة.

وقال: لقد أمضيت سنواتي الـ 15 الأخيرة في إبرام عقود الزواج، أكثر من 7 سنوات كمأذون، و7 سنوات قبلها كمساعد مأذون، ووثقت خلال هذه الفترة الطويلة شرطاً واحداً لرجل أراد من خطيبته وعداً باستكمال دراستها.      

 

 مشاركة الإيجار

واستطرد: أجل، العريس هو من أصر على استكمال الفتاة الدراسة، وليست هي أو وليها من طلبوا.

واستحضر المأذون الشرعي عيد حادثة طريفة شهدها قبل سنوات عندما طلب عريس إضافة شرط “مشاركة العروس له في سداد إيجار الشقة الزوجية”.

وتابع قائلاً: قوبل طلب العريس برفض شديد من جانب أهل العروس ووليها، وسعيت جاهداً لإقناعه أن الشرط غير مقبول ويتنافى مع الشرع والعرف والواقع، وبعد التراجع عن شرطه، تم عقد القران.

وأكد أن نسبة محدودة من العقود التي أجراها قد تضمنت شروطا لا تتعدى الـ 10 %، موضحاً أن توفير السكن المستقل ومواصلة الدراسة جاءَا في المرتبة الأولى من حيث الأهمية.

وأضاف: وثقت أيضا عقود زواج بشرط (مواصلة العمل)، ولكنها نادرة.

 

حالات محدودة

وفي الاتجاه ذاته، أكد المأذون الشرعي محمد الكوهجي المناخ العام عند إبرام العقود على المذهب السني بعدم تفعيل جزئية الشروط، أعمل في هذا المجال لأكثر من 6 سنوات، وشهدت حالات قليلة.

وأردف: لا يضعون شروطا في الأغلب، وثيقة زواج واحدة فقط تتضمن شروطا من أصل كل 10 عقود مثلاً، رغم أني أسألهم عن هذه الجزئية.

وتابع قائلاً: في هذه الحالات المحدودة، أظهرت الفتيات رغبة في عدم منعهن من العمل، وكذلك الدراسة، وأما شرط “السكن”، فجاء أكثر ندرة.  

وأرجع المأذون الكوهجي التوجه لعدم فرض شروط لميول الخطيبين وأسرتيهما ببدء حياة زوجية سعيدة دون التفكير في مشكلات أو أمور سلبية قد تقع.

وأضاف: قد يشعرون بالحرج لفرض شروط من البداية أو يودون تسهيل الإجراءات.  

  

فتيات متطلبات

على مستوى العقود المبرمة على الشق الجعفري، أوضح  المأذون أحمد سلمان حسن (مدينة حمد) أن قرابة الـ 80-85 % من الزيجات التي وثقها قد تضمنت شروطاً.

وأردف: أعمل في هذا المجال لـ 20 سنة، والأغلبية الكبيرة من الفتيات يضعن شروطا كـ “السكن المنفرد” واستكمال الدراسة الجامعية والعمل بعد التخرج، وأحياناً “قيادة السيارة”.  

وأفاد: لا تخلو العقود من شروط الفتيات إلا ما ندر، فيما الرجال لا يضعون الشروط باستثناء قلة قليلة.

 

السفر

وأشار إلى حادثة شهد فيها شرطاً لعريس بأن تسافر معه زوجته خارج المملكة إذا ما اضطره عمله إلى ذلك.

وبالعودة لشروط الفتيات، قال المأذون أحمد: يطلب منا أولياء أمورهن شروطا غير مألوفة أحياناً، فمرة طلب مني أب وضع شرط “ألا يضربها” وآخر اشترط “ألا تخدمه في المنزل”.

وأردف: بالنسبة للضرب، فأوضحت للوالد الخائف أن المعاملة الحسنة حق للزوجة، ولا تتطلب شرطاً.  

واستطرد قائلاً: فيما يتعلق بشرط عدم خدمة الزوج، حاولت إقناعه بترك هذه الأمور لتفاهمات الزوجين مستقبلاً، ورغبتهما في تقسيم المهام الزوجين بينهما.

 

تلتزم بالحجاب

وأما المأذون الشرعي محمد جعفر آل سعيد (المعامير)، فأكد أن شرط “إتمام الدراسة الجامعية” الذي يعتمده كثير من الفتيات يجب ألا يكون عاماً ومبهماً.

وأردف آل سعيد الذي أتم 14 سنة في إبرام عقود الزواج: إن شرط إتمام الدراسة الجامعية يجب أن يقترن بمستوى معين، وإلا فقد يتحول إلى شرط مطلق قد يختلف عليه فيما بعد.  

وأوضح المأذون محمد أن 80 % من العقود التي أبرمها قد تضمنت شروطاً بشأن “السكن المستقل” و”مواصلة الدراسة”.    

وأكد أن العرسان الرجال لا يشترطون شيئاً في الغالب، إلا ما ندر. أحدهم طلب تسجيل شرط “أن تلتزم بالحجاب، وألا تخرج إلا بأذنه”.

 

نفقة الأبناء

وأضاف: أما بالنسبة للنساء، فبعضهن يشترطن أن “ينفق على أبنائها من زواج سابق”، والزوج الجديد غير ملزم بالأطفال في هذه الحالة، ولكن يصبح الإنفاق واجباً عليه متى ما اشترطت ذلك.  

وروى آل سعيد شرطاً وصفه بالغريب، رغبت إحدى العرائس بإضافته في عقد زواجها، وأثار ضحك مدعوي حفل الزفاف.

وأفاد: بإحدى المرات فوجئت باشتراط امرأة على خطيبها أن يستكمل “دراسته الثانوية ومن بعدها الجامعية”، معللة طلبها بـ “أنا أدرس جامعة وهو لم يستكمل إلا الشهادة الإعدادية، فلازم يستكمل”.

واتفق المأذون الشرعي جاسم العرادي (سماهيج) مع سابقيه في ندرة الشروط من جانب العريس، قائلاً: اعمل في هذا المجال منذ العام 2009، ولم أسجل شرطاً لرجل.

   

مذهب فقهي

ووصف العرادي شروط الفتيات المقبلات على الزواج بالموضة، فهن عادة ما يشترطن “سكنا خاصا، استكمال دراستنا الجامعية، وعدم الممانعة من العمل”، وهي شروط غير واقعية.

وأردف: كثير من الشباب يبحثون الآن عن زوجات يعملن، ولهذا فإن الشرط بات من دون معنى.

واستحضر المأذون العرادي بذاكرته زيجة شهدت شرطاً غريباً عندما أصر الأب على بقاء الزوج على خط فقهي محدد، وألا يغيره أبداً.

وأضاف: اقترحت أن أكتب الشرط “بقاء الزوج مستقيماً على جادة الشرعية”، غير أن والد العروس أصر، وأذعنت لطلبه، إلا أن المحكمة رفضت توثيق العقد وجرى تعديله لاحقا.      

 

التسعينات

وأوضح المأذون الشرعي مكي علي مرهون (النبيه صالح) أن الشروط تقع من جانب الزوجة، فالرجال نادراً ما يفعلون جزئية الشروط في العقود، رغم أنني دائما أسألهم ويردون “ما عندي”.  

وقال مرهون: أعمل في إبرام العقود منذ 20 عاماً، والبنات دائما ما يشترطن مسكناً خاصاً، والسماح لهن بالعمل، وأحياناً “السماح لهن بالسياقة”.  

وأضاف: إن شرط السماح بقيادة السيارة كان منتشراً جداً في فترة التسعينات، والآن بدأ يتلاشى، فهنالك حاجة ماسة للقيادة للذهاب للعمل والدراسة.