+A
A-

اقتصاديون ورجال أعمال: الضـرائب على الشـركات الأجنبية حق ضائع من البحرين

أجمع اقتصاديون ورجال أعمال على أهمية التوجّه نحو فرض الضرائب المباشرة، والبدء بدراسة الوضع الاقتصادي العام كخطوة تمهيدية ضرورية لفرض الضرائب على أرباح الشركات. 

وأشاروا في ندوة نظمتها “البلاد” إلى أن النظرة الأولى تظهر أن الاقتصاد البحريني جاهز لهذا التحول في هيكله، ولكن الوقت الأمثل لانطلاق الضرائب على الشركات يحتاج دراسة متأنية.

وأكدوا أن البحرين تعد الجنة الضريبية الوحيدة في الخليج، فجميع الدول الخمس الأخرى تفرض ضرائب على أرباح الشركات الأجنبية والمستثمر غير المحلي وإن شمل الفرض بعض القطاعات. 

غير أن المنتدين انتقدوا بشدة مقترحًا نيابيًّا بقانون يفرض ضريبة بواقع 5 % على أرباح الشركات، ووصفوه بمقترح “أخذ بخفّة”، فلا يقبل استحداث نظام ضريبي بما له من تأثيرات واسعة وضخمة عبر إضافة مادة واحدة في قانون الشركات.

وأشاروا إلى أن استحداث هذه الخطوة يتطلب قانونًا مستقلاً للضريبة العامة ينظم طريقة تحصيلها والإعفاءات والعقوبات إزاء المتهربين، وأن لا تترك جميع هذه الأمور المهمة لقرارات وزارية.

وأظهر رئيسا اللجنة المالية والاقتصادية، ولجنة المرافق العامة بمجلس النواب حماسة لحضور الندوة والدفاع عن المقترح .. غير أن القيادتين البرلمانيتين قد اعتذرتا لاحقًا لحضور أعمال جلسة برلمانية استثنائية جُدولت بوقت متأخر.   

من جهته، قال النائب الأول لرئيس مجلس الشورى ورجل الأعمال جمال فخرو أن البحرين (وفق نظامها المالي والضريبي الحالي) تتنازل فعليًّا  للحكومات الأجنبية عن الضرائب المحسوبة على أرباح هذه الشركات الأجنبية العاملة في المملكة. 

وأضاف: “بمقتضى اتفاقيات منع الازدواج الضريبي الموقعة مع عدة دول ستضمن الشركات الأجنبية العاملة في البحرين عدم دفع الضريبة مرتين”.

وأردف: الدول الموقعة معنا تقتطع الضرائب من أرباح الشركات التي تحقق أرباحًا لدينا لأننا لم نقم بأخذ الضريبة، وإذا ما جرى استحداث نظام ضريبي على الشركات، فإن هذه المؤسسات ستدفع الضرائب لنا. 

وانتقد فخرو ردود جمعية رجال الأعمال البحرينية وغرفة تجارة وصناعة البحرين على المقترح النيابي، إذ حصرتا ردودهما في أن الوضع الاقتصادي الحالي لا يسمح بفرض الضرائب على الشركات.

وأردف: أن هذه الردود تعني أن هناك رفضًا لاقتطاع جزء من صافي أرباح الشركات و”إن ربحت”.. لا تأخذوا منا “5 %” واصفًا الردود بـ”غير المدروسة” وجاءت في عدة سطور.

وأما الخبير الاقتصادي جعفر أكبري فشدّد على أن الوضع الاقتصادي الآني  من دون ضرائب، غير طبيعي و”شاذ”، فالحكومة اعتادت على تقديم الخدمات، وجاء الأوان لتحويل المملكة من دولة ريعية إلى أخرى مدنية. 

 

فخرو: 90 % من الشركات البحرينية لا تربح 500 ألف دينار سنويًّا 

 

 

انتقد النائب الأول برئيس مجلس الشورى ورجل الأعمال جمال فخرو تحديد مقترح نيابي بقانون حاجز النصف المليون للبدء في تحصيل ضرائب عن الشركات، وإعفاء من يجني أرباحًا أقل، واصفًا إياه “ينم عن عدم إدراك” لمبدأ العدالة في فرض الرسوم والضرائب الذي نص عليه الدستور.

 

وتساءل: كم شركة تربح نصف مليون دينار سنويًّا؟ .. 90 % من المؤسسات الناشطة في المملكة تعد صغيرة ومتوسطة الحجم.. أين العدالة في الإعفاء من الضرائب على من يربح 300 ألف أو 400 ألف أو حتى من يربح عشرة آلاف دينار، المذكرة التفسيرية لم تشر من قريب أو بعيد إلى الأسس التي اعتمدت في تحديد وعاء الربح الخاضع للضريبة.

الإعفاءات  

ولفت فخرو إلى أن الدول تعفي المؤسسات الاقتصادية ذات الأرباح الصغيرة، فسلطنة عمان تعفي الخمسة آلاف الأولى من الأرباح، وبعد ذلك تبدأ باحتساب نسب تصاعدية، وكذلك الأمر في السعودية والكويت وقطر وغيرها من دول العالم، مشددًا “لابد من خفض سقف النصف مليون المقترح بناء على دراسة اقتصادية مفصلة”. 

وأردف: لم تكن هناك دراسة متأنية للموضوع من مقدمي الاقتراح، وما طرح لا يرتقي لأن يناقش في البرلمان.  

وتابع: إن الجهات الحكومية قادرة على إجراء الدراسات اللازمة فهي لديها الجهاز والخبرة التراكمية والعلاقات الدولية والإمكانيات، كما أنها الجهة المنوطة بوضع السياسة المالية والاقتصادية.

وقال فخرو: أما نحن الأعضاء في مجلسي الشورى والنواب فليست لدينا الإمكانيات لصياغة واقتراح قانون بهذه الضخامة وهذه الآثار الكبيرة على الاقتصاد الوطني والسياسة المالية. نحن حتمًا معنيون بالسؤال ومعرفة نتائج الدراسات نتيجة فرض هذا القانون.

 غير مدروسة  

وانتقد فخرو ردود جمعية رجال الأعمال البحرينية، وغرفة تجارة وصناعة البحرين على المقترح النيابي، إذ حصرتا ردودهما في أن الوضع الاقتصادي الحالي لا يسمح بفرض الضرائب على الشركات. 

وأردف: أن هذه الردود تعني أن هناك رفضًا لاقتطاع جزء من صافي أرباح الشركات و”إن ربحت”.. لا تأخذوا منا  5 %، واصفًا الردود بـ”غير المدروسة” وجاءت في عدة سطور. 

وردًّا على الذين يشيرون إلى أن الاقتصاد البحريني غير جاهز لهذه الخطوة، قال: أعتقد إن اقتصادنا جاهز لفرض الضريبة ولكن يبقى السؤال ما هو الوقت الأنسب للتنفيذ؟ وكما أسلفت سابقًا، الموضوع يحتاج إلى دراسة متأنية ومعمقة.

 

اقتصاد حر  

أضاف: اقتصادنا متين وجاهز لكل شيء، اقتصاد حر وسياسة مالية واضحة .. ولدينا استثمار محلي وأجنبي وبيئة اقتصادية جيدة.. نحتاج الآن لإعادة النظر في سياساتنا المالية والاقتصادية لتتناسب مع المتغيرات العالمية والإقليمية.  

وقال: “لا خوف من مبدأ فرض الضرائب على استقطاب الاستثمارات، فحتى الدول التي تسمى ملاذات ضريبية، تفرض فيها ضرائب، ولكن بمعدل أقل، وإلا كيف لهذه الدول أن تمول موازناتها؟”. 

وأشار إلى أن البحرين (وفق نظامها المالي والضريبي الحالي) تتنازل للحكومات الأجنبية عن الضرائب المحسوبة على أرباح هذه الشركات الأجنبية العاملة في المملكة. 

الحكومات الأجنبية 

وأضاف: “بمقتضى اتفاقيات منع الازدواج الضريبي الموقعة مع عدة دول ستضمن الشركات الأجنبية العاملة في البحرين عدم دفع الضريبة مرتين”.

وأردف: الدول الموقعة معنا تقتطع الضرائب من أرباح الشركات التي تحقق أرباحًا لدينا لأننا لم نقم بأخذ الضريبة، وإذا ما جرى استحداث نظام ضريبي على الشركات، فإن هذه المؤسسات ستدفع الضرائب لنا، ولن تقدم للحكومات الأجنبية أي شيء بموجب الاتفاقات الموقعة... نحن وقعنا اتفاقيات منع الازدواج الضريبي للمستقبل، وستجعلنا بيئة جاذبة للاستثمار. 

وأردف: بالنسبة لاستقطاب الاستثمار أيضًا، نحن لسنا من الدول المتقدمة في استقطاب الاستثمارات العالمية مقارنة بغيرنا رغم كوننا جنة ضريبية.

غير ملزم 

ورأى النائب الأول لرئيس مجلس الشورى أن التنسيق الخليجي مهم ولكن ليس ملزمًا لفرض ضرائب على الشركات، فهناك أربع دول تفرض الآن الضرائب على الشركات، والدولة الخامسة تفرض الضرائب على قطاع البنوك (الإمارات بنسبة 20 %)، ونحن الدولة الخليجية الوحيدة الخالية من أية ضرائب. 

وأضاف: لا أرى ضرورة لتوحيد النسب.. دول الاتحاد الأوروبي تفرض نسبًا متفاوتة للضريبة.. الولايات المتحدة الأميركية أيضًا تحدّد نسبة واحدة للضرائب الاتحادية وكل ولاية تفرض نسبًا متفاوتة بحسب سياساتها المالية والاقتصادية. 

 

 فخرو: الحاجة لوجود قانون منفصل شامل للضرائب العامة

وأكد النائب الأول لرئيس مجلس الشورى ورجل الأعمال جمال فخرو أن مبدأ فرض الضرائب المباشرة ليس خطأً. هناك أربعة مصادر رئيسية لتمويل الموازنة العامة، وهي الضرائب كمصدر رئيس، والموارد الطبيعية، والرسوم نظير الخدمات، وما تجنيه الحكومات من بيع الخدمات كالكهرباء والماء.  

 وأشار إلى الاقتراض كمصدر لتمويل عجز الميزانية العامة، غير أن هذه الآلية يفترض أن تكون استثنائية وفي أضيق الحدود (في الدول المتقدمة حدد العجز بـ3 % أما نحن فقد وصلنا إلى 18% حاليًّا).

غير مستحب  

وأضاف: إن الحديث قبل 5 سنوات عن فرض الضرائب كان غير مستحب، فيما نحن الآن نتحدث عن ضريبة القيمة المضافة بكل أريحية، ونناقش الإطار العام الذي وقع لتنفيذها ضمن منظومة دول مجلس التعاون، وما سيتبعه من إجراءات دستورية وقانونية. 

 وأفاد: إن الزملاء في مجلس النواب قد تقدموا بمقترح لفرض ضرائب مباشرة على الشركات، وما طرح ليس خطأً من حيث المبدأ، ولكن من يقرأ نصوص المقترح يستشعر أنه “أخذ بخفة” ولم يأخذ حقه من الدراسة. 

 

 وأضاف: لا يمكن أن يطرح مقترح بهذه التأثيرات الضخمة على النشاط الاقتصادي والموارد العامة والسياسات المالية، عبر إضافة مادة واحدة في قانون قائم للشركات التجارية، وفي باب ليس له علاقة بالضريبة بتاتًا إنما متعلق بشؤون “التفتيش والرقابة”.. مجرد إقحام فكرة الضرائب في هذا القانون بشكل عام وهذا الباب بشكل خاص خطأ.

نادٍ ودكان  

ولفت إلى أن القانون المراد إدخال إضافة عليه يختص بعمل الشركات، كما أن مسؤولية الإشراف على هذا القطاع هو لوزارة التجارة، فيما الضريبة أمر مختلف تمامًا، فتعود مسؤولية تحصيلها والإشراف عليها لسلطة وزارة المالية أو لهيئة مستقلة وهو التوجه السائد عالميًّا الآن. 

 ووصف عملية فرض الضريبة على الشركات عبر مادة واحدة، وترك باقي العمل التنظيمي لوزارة المالية بالخطوة غير الموفقة.. نحن نحتاج قانونًا متكاملاً للضريبة العامة في الدولة، وتسبقه دراسات لتأثيراته على الوضع الاجتماعي والمالي والاقتصادي.

 واستدرك: هذا اقتصاد دولة وليس نادياً أو دكانًا، أي قرار اقتصادي يؤثر على الجميع .. هنالك مطالب شورية نيابية وتوجه لعدم إعطاء الحكومة صلاحيات توسيع رسوم، فكيف نعطيهم صلاحية واسعة على الضرائب عبر مقترح من مادة ... يجب آلا نأخذ هذا الأمر بـ”خفة”. 

 لا خلاف 

وشدّد على أن تطبيق أي خطوة بهذا الحجم يتطلب دراسة اقتصادية واجتماعية شاملة للنتائج الإيجابية والسلبية، وهذه الخطوة لم تحصل ... كل ما قدموه من مبررات هو أن هناك “دول طبقته فدعونا نطبقه” بالإضافة إلى مبررات أخرى غير مدروسة. 

وقال فخرو: لا خلاف على مبدأ فرض الضريبة .. فهو أمر مهم ووارد، والضريبة أكثر صحة ووجوبًا وملاءمة للعمل الاقتصادي من الرسوم .. فالمؤسسات الاقتصادية مجبرة على دفع الرسوم سواء حققت ربحًا أم لم تحقق، بينما الضريبة ستدفعها الشركات الرابحة فقط.

واستطرد: الأفضل للنشاط الاقتصادي ألا يحمل بأعباء وتكاليف مسبقة، وهذا جزء من الإشكاليات التي تواجه المؤسسات والشركات المتوسطة والصغيرة في البحرين، إذا تُحمل برسوم، وهي لا تعلم إذا كانت ستربح أم لا، والأمر الأكثر عدالة أن تفرض الضرائب تصاعديًّا، فمن يربح أكثر، يساهم أكثر في الاقتصاد الوطني.

 

جعفري:  غالبية الشركات ستنهار لو طبـق “الاقتصاد الحـر” كاملاً

 

أكد الخبير الاقتصادي أكبر جعفري أن الضرائب منهج وأمر طبيعي منذ الأزل، وأن البحرين تأخرت في هذه الخطوة لأسباب تاريخية، فالحكومات على امتداد دول العالم تموّل موازناتها عبر نظام ضريبي، وهذا يشمل الدول الغنية بالموارد الطبيعية. 

وعاد جعفري بذاكرته للوراء في فترة الخمسينات والستينات ليستحضر أسباب عدم إدخال الضرائب على السياسة المالية العامة للمملكة حتى الآن، مشيرًا إلى أن عدد السكان كان قليلاً جدًّا.

وأضاف: “أن الحكومة اعتادت على تقديم الخدمات، وجاء الأوان لتحويل المملكة من دولة ريعية إلى أخرى مدنية”. 

وشدّد على أن الوضع الآني غير طبيعي و”شاذ”.. نختلف على الأرقام والنسب وبعض الأمور، ولكن وضع نظام للضرائب، وإعادة هيكلة الاقتصاد أمر ضروري.

التأخير

وأظهر تأييد لفكرة التحول إلى اقتصاد مبني على الضرائب، داعيًا لعدم التخوف من هذه الخطوة.. المجتمع والاقتصاد تقبل زيادة مقدارها 60 % في أسعار الوقود .. السبب الأبرز لمشاكلنا هو تأخر إقرار الضريبة.

غير أن الخبير الاقتصادي اعتبر المقترح النيابي بفرض ضرائب 5 % على أرباح الشركات “غير فعال”.. مشيرًا إلى أن الأجدر بالمجلس النيابي أن يتقدم باقتراح برغبة للحكومة لتتولى إجراء دراسة كاملة ومن ثم تقديمها للمجلس التشريعي.

عملية معقدة

واستطرد أن فرض الضريبة عملية حسابية فنية معقدة جدًّا، كما أن التوقيت المناسب أمر تقدره الحكومة. 

وقال “الميزانية العامة تعاني من عجز .. والدين العام عالٍ ونحتاج إلى مصادر غير تقليدية ولكن الأمر ليس هيّنًا ليحسم برغبة أو نية برلمانية”. 

ووجّه سؤالاً إلى مقدمي المقترح: كم الإيرادات المتوقعة من فرض ضريبة بنسبة 5 % على الشركات الناشطة في البحرين؟ هل لدينا أي فكرة أو تقدير عن حجم الأموال التي قد تستحصل؟ كم عدد المؤسسات الاقتصادية التي سيشملها المقترح على نحو مباشر؟.

الارتجالية 

وأَضاف: “تأخرنا في خطوة إحلال الضرائب، ولكن هذا الواقع لا يعني (أن نستعجل الآن)”.

وأضاف: “لا يمكن فرض ضرائب دون تشكيل هيئة مستقلة لهذا الغرض.. نتحدث اليوم في البحرين عن نوعين من الضرائب، فيما الواقع يشير إلى وجود 300 نوع”. 

وردًّا على الحديث بعدم جاهزية المملكة لخطوة فرض ضرائب واحتمالية “تطفيش” المستثمر، قال جعفري: “لا خوف على الاستثمارات في المملكة، وهنالك رؤوس أموال واستثمارات تستقر في دول تفرض معدلات عالية من الضريبة .. الخوف لدينا من (الارتجالية) في اتخاذ خطوات مهمة بهذا الحجم”.

ربح وإنتاجية 

وتعليقًا على ما أوردته غرفة تجارة وصناعة البحرين، وجمعية رجال الأعمال من حديث عن ضعف البنية التحتية الصناعية كأحد الأسباب للمطالبة بعدم فرض ضرائب الآن، قال جعفري: “الدراسات تظهر أن إنتاجية القطاع الصناعي متدنية وتساوي 51 % من الاستخدام الأمثل لحجم الموارد المتوافرة، وعلى رغم هذه الحقيقة هم يربحون”.

تابع: أجل، يربحون رغم انخفاض إنتاجيتهم، عبر استغلال نظام الرسوم والبيئة الاقتصادية الآنية التي خلقت حالة من الاتكالية من قبل الشركات والمؤسسات على الدولة. 

وأكد الخبير غياب الفهم للأداء الاقتصادي للشركات، ففي الوقت الذي يجب أن تفرض الضرائب، لا يزال البعض يستفيد من تسهيلات الرسوم.  

مزايا تنافسية 

وأردف: هذا الواقع غير السليم “يغوي” عمليات القياس للأداء .. الغالبية الواسعة من الشركات ستنهار لو جرى التطبيق الكامل لمبادئ الاقتصاد الحر. 

وتحفظ جعفري على ما يطرحه بعض المتابعين والمعنيين من ضرورة التنسيق مع دول مجلس التعاون قبل فرض الضرائب على الشركات.

وأشار إلى أن التكامل الاقتصادي بين دول التعاون لا ينحصر في جزئية الضرائب .. ونحن نمتلك مزايا تنافسية عالية كالنظام القضائي والنظام الاقتصادي ... ولذا لا داعي للانتظار طويلاً للتنسيق في هذا الجانب .. أن نتخذ الخطوة اليوم أفضل من الغد.

 

الصايغ: غياب الضرائب يشكل نقصـًا في السياسة المالية

 

 

أكد الخبير جعفر الصايغ أن المجتمع الاقتصادي لا يختلف اليوم على أهمية وضرورة الضرائب المباشرة، والتي تعتمد عليها الدول الغنية المتقدمة قبل الدول الأقل تقدمًا. 

وأردف: الضرائب هي المصدر الرئيس للموازنة العامة في الدول المتقدمة وبنت عليها نهضتها وثورتها الصناعية والتقنية. 

وأكد أن الضرائب تشكل أداة اقتصادية مهمة في يد الدول، ليس جني الإيرادات العامة فقط، بل لرسم السياسة الاقتصادية، فإذا ما أرادت خفض نسبة السيولة، زادت نسبة الضرائب، والعكس أيضًا صحيح، فإذا ما أرادت زيادة السيولة، خفضت الضرائب. 

النضوب 

وتابع: لكن يفترض أن نسأل أنفسنا لماذا هذا المشروع النيابي بفرض 5 % ضرائب على أرباح الشركات الآن؟ هل هو لخفض العجز وتمويله؟ هل الوقت مناسب حاليًّا؟ هل تحديد حاجز النصف مليون دينار أرباحًا لاحتساب الضرائب معيار صحيح؟.

وأشار إلى الحاجة لتنفيذ دراسة ومعرفة الوقت المناسب لفرض الضريبة، معتبرًا أن غياب الضرائب والاعتماد على الإيرادات يشكّل نقصًا في السياسة المالية .. النفط سوف ينضب، وسنلجأ للضرائب آجلاً أم عاجلاً. 

وزاد: لعلّ الغرض من المقترح التشريعي تمويل العجز في الموازنة العامة، ولكن خطوة كهذه لا يمكن أن تنفذ إذا ما وجِد تراجع وركود اقتصادي وهناك شركات تغادر الدولة.

الانتعاش والانكماش

واستدرك قائلاً: “الضريبة يجب أن تفرض في وقت الانتعاش والنمو الاقتصادي، وأثناء ازدهار الشركات والمؤسسات، وليس العكس”. 

وفي مسألة جاهزية الاقتصاد البحريني لفرض ضرائب على الشركات، تساءل الصايغ: ما حجم الإيرادات المتوقعة إذا ما طبق المقترح؟ هل العائد المالي والاقتصادي يغطي السلبيات الناجمة على التنفيذ؟ هل الأجهزة التنفيذية للدولة قادرة على إجراء ما يلزم لتنفيذه؟ .. كل هذه الأسئلة تحتاج إجابة لنرى إذا ما كنا جاهزين أم لا.

وأردف: أن الدول التي اعتمدت أنظمة ضريبية منذ عقود تعاني من التهرب، فلابد من إجراءات لمكافحة هذه الظواهر السلبية وتحديد العقوبات، وطريقة تجميع الضرائب عبر قانون واضح.  

مادة واحدة 

واستطرد قائلاً: “لا يمكن أن تأتي بمادة واحدة وتقول هذه “نظام ضريبي”، لابد من سلسلة من القواعد والإجراءات المتكاملة والمصاغة على نحو متأنٍ. 

وأشار إلى أن البحرين ودول الخليج كانت تتباهى بكونها جنة ضريبية، وهو توجه خاطئ، .. ولكن هل هناك عوامل وبدائل أخرى متوافرة الآن لجذب الاستثمار، وخلق بيئة جاذبة؟ والأهم وضع دراسة متكاملة قبل اتخاذ أي خطوة. 

وشدّد الصايغ على ضرورة تحديد وإيجاد ميزة تنافسية قادرة على جذب الاستثمار يترافق مع خطوة استحداث نظام للضريبة المباشرة .. نعم، لدينا ميزات اقتصادية وقادرون على المنافسة. 

 

الضرائب الأقل 

وحول ما يطرحه البعض من ضرورة فرض الضرائب على الشركات وفق إطار منظومة دول مجلس التعاون على غرار ما جرى في ضريبة القيمة المضافة، رأى الاقتصادي الصايغ أن البحرين جزء من هذه المنظومة، وهناك سوق مشتركة، ولذا لابد من وجود تنسيق، وإلا فإن الشركات ستتوجه للدول والإمارات ذات الضرائب الأقل.

غير أنه أشار إلى أن بعض الدول الخليجية قد سبقتنا وأخذت قرارات انفرادية، مما يشير إلى غياب التنسيق الكامل في هذه الجزئية، وقد تمنح المنظومة الحرية لكل دولة لاختيار ما يناسبها من ضرائب.

ورفض الخبير الصايغ إشارة البعض إلى أن كثيرًا من المؤسسات الاقتصادية مازالت تتلقى الدعم الحكومي عبر برامج تمكين وغيرها، وبالنتيجة غير جاهزة للضرائب.

البنك الدولي 

وأفاد: سياسة الدعم لا تتعارض مع الضرائب، بل هي سياسية وأداة اقتصادية مختلفة، وقد ترى الدولة المصلحة بتأسيس ودعم قطاعات على نحو واسع. 

وأردف: هذا ما جرى في الولايات المتحدة الأميركية عندما تدخلت الحكومة لحماية قطاع البنوك والمصارف من الانهيار في العام 2008 .. المصلحة الوطنية والاقتصادية تقرّر، وهذه الممارسات الإجراءات مقبولة من البنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ولا تتعارض مع سياسة فرض الضرائب.