العدد 3121
الإثنين 01 مايو 2017
banner
نصنع حظّنا
الإثنين 01 مايو 2017

لاشك أن العرس الذي أقيم نهاية الأسبوع الماضي، استأثر باهتمام الناس هنا. ومع التقزز من بعض الوصوفات العنصرية في شأن من أقام الحفل، وحجز الفندق الأفخم في البحرين لبضعة أيام؛ فإن الحدث نجح بامتياز، وعساه ألا يكون “بيضة الديك”.

اللغط الذي دار حول هذا الموضوع انطلق أكثره من جوانب عاطفية في المقام الأول، وبعضها آيديولوجية، والبعض أراد استثمار هذا الحدث في جعل البحرين مقصداً لسياحة الأعراس، كما قيل، ليصب جام غضبه على التخطيط والاقتصاد، وقال قائل: “هذا ما تمخّضتم عنه؟!”، وكثير من النقد الذي يصبّ بعضه في البناء، ويصبّ بعضه الآخر الزيت على النار.

نعم، ربما على البحرين أن تبذل المزيد من الجهد في التنوع الاقتصادي، ولكن لا بأس إن أوجدت لها مخارج إضافية لما يمكن أن يصبّ في الاقتصاد الوطني. فأن تكون البحرين بؤرة ثقافية مضيئة تجتذب لها البحرينيين وجيرانهم في مواسم ثقافية معلومة وينتظرها الناس، فهذا نجاح. أن تكون سياحتها البحرية، وهي جزيرة، مميزة وراقية ومتنوعة وهادرة، فهذا أمر مطلوب ويشغّل الكثير من القطاعات. أن تتميز بجملة من المطاعم المتنوعة التي تبدأ من الخباز الشعبي، وتنتهي بالمطاعم الفاخرة، مدعومة بترويج سخي لأن تكون محط رحال كبار الطهاة في العالم، وتتحول البلاد إلى مستقطب المتذوقين في العالم، لم لا؟! أن تقيم كرنفالات خاصة لا شبيه لها في العالم، مستمدّة من هذه البيئة، وهذه التربة، وهذه الثقافة، بالبحر والنخيل، على أن يكون البذل فيها من البحبوحة بما يجعل أرضها وسماواتها تتحدث كرنفالاً في تلك الأيام، فهذا ما يضعنا على خريطة العالم.

نسمع بين الفينة والأخرى عن وصوف لبلدان، وشهرة لها في جوانب معينة، وتصبح هذه الشهرة – سلباً كانت أم إيجاباً – هي السمة الطاغية للبلاد. نسمع عن مهرجانات يقصدها السائحون من شتى بقاع العالم نظراً لشهرتها وفرادتها وأجوائها التي لا يمكن أن تكون في مكان آخر. وما يعزز هذا الرأي، ما تذهب إليه الأمم المتحدة، خصوصاً في مطبوعها الصادر في 2013 تحت عنوان “الاقتصاد الإبداعي”، حيث تعلي من دور الثقافات المحلية وأهميتها في أن تصبح صناعة تدر مبالغ على أصحابها وعلى البلد بأسره، وبدلاً من أن تقضي الأزمات الاقتصادية على المهرجانات؛ تقضي المهرجانات على الأزمات، بما فيها الأزمات السياسية والاجتماعية لأنها تقرّب الآخرين من ثقافة البلاد، كما تقرب أهل البلاد من بعضهم البعض، وتعمل على إعادة تعريفهم ببعضهم مجدداً.

إن حجم البحرين، ومواردها الطبيعية، تفرض المضي دائماً في البحث عن الحلول الفريدة والإبداعية اقتصادياً، لأننا نمنا زمناً طويلاً مطمئنين إلى أن الميزات التي كانت تجعل البحرين منفردة وجذابة، ستبقى طول الدهر من دون صيانة، حتى وجدناها تنتقل إلى بلدان أخرى، وتضمحل لدينا، حتى لنكاد لا نمسك بميزة واضحة. هنا يمكننا البكاء حتى الشبع على ما ضاع، أو صناعة فرص جديدة، على أن نجيد هذه الصناعة حتى تؤتي أكُلها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .