العدد 3117
الخميس 27 أبريل 2017
banner
يا له من باذنجان
الخميس 27 أبريل 2017

شاعت في هذه الأيام طرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن الأمير الشهابي - وربما هو الأمير بشير الشهابي، وللعلم لا صلة قرابة بيني وبينه – وخادمه في حوارية لا تخفى مراميها على أحد.

تقول الرواية: قال الأمير الشهابي  لخادمه يوماً: “تميل نفسي إلى أكلة الباذنجان”، فقال الخادم: “الباذنجان؟! بارك الله في الباذنجان، هو سيد المأكولات، لحم بلا شحم، سمك بلا حَسَك، يؤكل مقلياً ويؤكل مشوياً، يؤكل كذا ويؤكل كذا...”. فقال الأمير: “ولكنني أكلت منه قبل أيام فنالني الكرب” (أي توجعتُ منه). فقال الخادم: “الباذنجان؟! ألا لعنة الله على الباذنجان... فإنه ثقيل غليظ نفّاح”، فقال الأمير: “ويحك... تمدح الشيء وتذمه في وقت واحد؟!”، فقال الخادم :”أنا خادم للسلطان يا مولاي لا خادم للباذنجان، فإذا قال السلطان: نعم، قلتُ له نعم، وإذا قال: لا، قلتُ: لا”!

هذه القصة، أو الطرفة، ذكرتني بحادثة عاينتها في إحدى المؤسسات في النصف الثاني من التسعينات، حيث تسلم أحد الأشخاص مسؤولية واحدة من هذه المؤسسات، وهو لم يدرج فيها، ولم يكبر معها، فما إن حطت قدماه أرض مؤسسته الجديدة، حتى أراد أن يري الآخرين أنه على علم واطلاع بما يجري في المؤسسة، وبطبيعة كل من فيها، فواجه أربعة صنوف من الموظفين، الذين أعتقد أنه كان سيواجههم على أية حال، وفي أية مؤسسة، خصوصاً إن أراد التغيير، أو أراد بسط ثقافة جديدة، أو حتى لو لم يكن يريد تغيير أي شيء، فلابد أن تبرز له هذه الصنوف الجديدة.

اتضح له أولاً “المقاومون للتغيير”، وهذا صنف خطير في أية مؤسسة، قابل للاشتعال أو الانفجار، حتى وهو يرى التقدم وقلة الخطوات اللازمة للإنجاز؛ إلا أنه لا يمكنه إلا أن يعاند، ويضع العصيّ في العجلات، لا يتفاعل في الاجتماعات، يثير اللغط، يبحث عن السلبيات في أي قرار ويكبّرها ويجعل منها نهاية العالم وبذلك فهو معرقل خطير.

صنف “الناصحين”، وهو الصنف الذي يتنزل عليه المسؤول الجديد، وخصوصاً من خارج المؤسسة، كما يتنزل المطر من السماء، فيشعر أن الوقت حان للإصلاح والتعديل وتصحيح المسار، ولكن المسؤول الجديد ما كان ليريد من يحرفه عن خطته، أو من يحوّل عينيه عن الهدف.

الصنف الثالث هم “الموتى الأحياء”، المطيعون جداً، بل أكثر من اللازم، ويشعر المسؤول معهم أنه يكلم نفسه، ويناقش ذاته، ويعقد الاجتماعات التي فيها يضع القرارات من دون نقاش، وفي حال الفشل مستعد المسؤول أن يقول إن أحداً لم ينبّهه.

الصنف الرابع من الموظفين هو الأخطر، فهو صنف “الباذنجانيين” الذين يقولون ما يقوله ربّ العمل، يعرِّفون الألوان كما يراها سيدهم، ويقيسون الحق والباطل بمعايير رب عملهم، ينفخون في كل فكرة قالها سيدهم، ويصغّرون من كل ما سبق أن صغّره سيدهم. خطر هذا الصنف أنه يسرّع بدفع المسؤول إلى الهاوية، لأنه يحبب للسيد أعماله وآراءه السلبية، وإن بدت جلياً أنها سيئة المآلات، ينتظر المسؤول ليتحدث حتى يثني على كلامه، هذا الصنف الذي سيبقى قريباً من دوائر صنع القرار، ومرضيّاً عنه، وفي الغالب يفوز ببعض المزايا، ويتلبسه الدور أحياناً، ولكن بعد أن جعل كرامته ممسحة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية