العدد 3114
الإثنين 24 أبريل 2017
banner
الفصحى وخطر “الإيموجي”
الإثنين 24 أبريل 2017

 

في معظم المسابقات القرآنية الدولية يتبوأ أبناء البحرين المراكز الأولى، وهو ما يعكس تفوقا واضحا للشباب البحريني في حفظ وتلاوة كتاب الله، واهتماما كبيرا من قبل المملكة للارتقاء بمستوى حفظته، والإنجاز البحريني في جائزة الكويت الدولية للقرآن الكريم يعد إحدى ثمار هذا الاهتمام.

لا ريب في أن القرآن الكريم سبب بقاء اللغة العربية حيّة إلى يومنا هذا، فهو الذي هذبها ووحدها وساعد في انتشارها وحفظها من الضياع، ولولاه لاندثرت لغة الضاد واندثرت معها هويتنا وثقافتنا وحضارتنا.

الطفل الذي يحفظ القرآن ويجيد تلاوته لا يصبح متمكنا من اللغة فحسب، بل تزداد شخصيته قوة ويترسخ إيمانه واعتزازه بدينه وقيمه ووطنه وعروبته، وجميعها مبادئ شدد عليها المشرع البحريني في القانون رقم (27) لسنة 2005 بشأن التعليم.

استنادا لمواد هذا القانون، أصدرت الوكيل المساعد للتعليم العام والفني لطيفة البونوظة، مطلع الشهر الجاري، تعميما يظهر حرصا صادقا على النهوض باللغة العربية، إذ دعت إدارات المدارس الحكومية إلى توجيه المعلمين لاستخدام الفصحى، وتجنب اللهجات العامية داخل الصفوف وأثناء الطابور.

لغتنا الجميلة تتعرض بالفعل لخطر الانحسار، وإن لم يتم تدارك الأمر فستأتي أجيال لا تجيد سوى “الإيموجي” وسيلة للتواصل فيما بينها، لذلك يجب التصدي لهذا الخطر المحدق بكل ما هو متاح من أدوات، ومنها على سبيل المثال: تحفيز المعلمين وحثهم على الالتزام بالتعميم سالف الذكر وإلا تأثر تقييمهم الأكاديمي، والتوسع في فتح مراكز تعليم القرآن مع توفير وسيلة النقل؛ لتشجيع أولياء الأمور على إرسال أبنائهم إليها، ودعم ورعاية البرامج والتطبيقات والألعاب وكتب الأطفال الإلكترونية الناطقة بالفصحى، والأفكار كثيرة.

مسؤولية الحفاظ على اللغة العربية تقع على عاتقنا جميعا، ويجب التعامل مع اللغة؛ بوصفها قضية أمن قومي عربي تستوجب صياغة إستراتيجية شاملة لحمايته؛ إستراتيجية تستلهم رسالتها من ثوابت وقيم الدين الإسلامي الحنيف والانتماء العربي، وتتمحور رؤيتها حول تعزيز المواطنة وبناء الإنسان الواثق من نفسه والفخور بأصله.

من الحكمة أن نعلم أطفالنا أكثر من لغة، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب لغتنا الأم التي كرمها الله عز وجل، فبضعفها تضعف شخصية الطفل وتضيع هويته، وحينها لن تكون هناك قيمة لأي شيء آخر يتعلمه، في حين يسهم الاهتمام بها في إعداد أجيال متمسكة بهويتها وقادرة على التعبير عن أفكارها بدقة ورقي وفصاحة. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية