+A
A-

الشرقاط.. المعقل المنسي لـ"داعش" في محافظة صلاح الدين العراقية

في أقصى شمالي محافظة صلاح الدين العراقية (157 كم شمال العاصمة بغداد) تقع الشرقاط، وهي بلدة تقطنها عشائر سُنية من "الجبور" و"العكيدات" و"الجميليين" و"العبيد" و"اللهيب" و"شمر"، وتعّد حلقة الوصل بين محافظات نينوى (غرب) وكركوك وصلاح الدين (شمال).

البلدة الواقعة على بعد 125 كيلومترا شمال مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، ويقسمها نهر دجلة لشطرين، تمثل خطرا كبيرا على أمن صلاح الدين، وفق مسؤولين في المحافظة.

ففي سبتمبر الماضي، استعادت القوات العراقية الشطر الغربي من الشرقاط، بينما لا يزال تنظيم "داعش"، ومنذ عام 2014، يحكم قبضته على الشطر الشرقي من البلدة، ويشن منه مسلحوه هجمات ضارية على المناطق الخاضعة لسيطرة القوات العراقية في بقية أجزاء صلاح الدين.

وتزايدت في الفترة الأخيرة هجمات "داعش" على تكريت، ويحمّل مسؤولو محافظة صلاح الدين الحكومة الاتحادية في بغداد، برئاسة حيدر العبادي، مسؤولية بقاء هذه المنطقة مصدرا للخطر، وعدم الاهتمام بها على غرار الموصل.

محافظ صلاح الدين، أحمد عبد الله، قال في تصريحات للأناضول، إن "تحرير الجانب الشرقي من الشرقاط يقع على عاتق الحكومة العراقية والقيادة العامة للقوات المسلحة حتى يتم إعلان محافظة صلاح الدين محررة من سيطرة داعش".

وأضاف أن "الجزء المتبقي من الشرقاط، حتى وإن كان صغيرا، فهو يهدد أمن المحافظة، فقد لحقنا الضرر جراء ترك جيوب لداعش في تلك المنطقة".

وأوضح عبد الله أن "محافظة صلاح الدين، وبعد تزايد هجمات داعش، قررت اتخاذ إجراءات فورية لحماية أمنها، عبر نشر عناصر من الجيش والشرطة والحشد الشعبي (قوات شيعية موالية للحكومة) و(جهاز) مكافحة الإرهاب (تابع للجيش) والاستخبارات في مدن المحافظة، لعلها تساعد في ضبط الأمن وسد الثغرات التي يستغلها الإرهابيون".

لكن فصائل الحشد الشعبي في صلاح الدين، والتي تمتلك زمام الأمور وتسيرها، خصوصا في المناطق الشمالية، لديها خلافات مع إدارة المحافظة وقيادة العمليات العسكرية، التي تتبع وزارة الدفاع العراقية.

وقال يزن مشعان الجبوري، أحد قادة الحشد العشائري السُني في الشرقاط، للأناضول، إن "منطقة الزاب والحويجة في محافظة كركوك (شمال)، إضافة إلى الجانب الشرقي للشرقاط، في صلاح الدين، هما قاطع جغرافي وعسكري واحد، ولا توجد إمكانية إلا لتحريرهما بعملية عسكرية واسعة وشاملة لكل القاطع".

وفي الرابع من الشهر الجاري، شن نحو 10 من مسلحي "داعش"، متنكرين بزي الشرطة العراقية ويرتدي بعضهم أحزمة ناسفة، هجوما واسعا على مدينة تكريت؛ وسقط في هذا الهجوم، الذي بدأ ليلا وانتهى في اليوم التالي، أكثر من 34 قتيلا من المدنيين والقوات الأمنية، فضلا عن المهاجمين.

وهذا الهجوم هو الأشرس على تكريت، منذ أن انتزعتها القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولي، من "داعش"، في أبريل 2015، وسلط الضوء على آخر معاقل التنظيم في محافظة صلاح الدين.

ووصّف قائممقام قضاء الشرقاط، علي دودح الجبوري، في تصريحات للأناضول، عدم تحرير الجزء المتبقي من الشرقاط بأنه "مؤامرة تهدف إلى استمرار محافظة صلاح الدين تحت خطر الإرهاب".

وأضاف الجبوري أن "الشرقاط، والحويجة (في كركوك) هما الجهة الخلفية لمدينة الموصل، مركز محافظة نينوى (425 كم شمال بغداد).. والهجمات التي تتعرض لها تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، تأتي انطلاقا من الجزء الثاني (غير المحرر) من قضاء الشرقاط، وقضاء الحويجة".

ووفق فلاح الأسدي، وهو قيادي في قوات "الحشد الشعبي"، فإن "سبب عدم تحرير الجانب الشرقي من قضاء الشرقاط حتى الآن هو عدم وجود القوات العسكرية الكافية للقيام بالمهمة".

وأضاف الأسدي، في تصريحات للأناضول، أن "غالبية القطعات العسكرية القتالية التابعة للجيش العراقي تم الدفع بها إلى الموصل وقضاء سامراء قرب تكريت، فيما جرى الإبقاء على قوات قتالية مهمتها فقط هي صد أي هجمات لعناصر داعش تستهدف المناطق المحررة في قضاء الشرقاط".

وشدد على أن "الحشد الشعبي بدوره لا يمتلك القوات الكافية للقيام بمفرده بمهمة تحرير الجزء المتبقي من الشرقاط، فهذه المهمة تحتاج إلى غطاء جوي لن يكون متوفرا إلا بعد انتهاء معارك الموصل".

وعلى بعد 185 كم شمال محافظة صلاح الدين، ومنذ 19 فبراير الماضي، تخوض القوات العراقية، بإسناد من التحالف الدولي، قتالا لاستعادة الجانب الغربي من مدينة الموصل، ذات الغلبية السُنية، بعد أن أكملت، في 24 يناير الماضي، استعادة جانبها الغربي، ضمن عملية متواصلة منذ 17 أكتوبر الماضي، لاستعادة المدينة، التي يسيطر عليها "داعش" منذ يونيو 2014، وتمثل آخر معقل رئيس للتنظيم في العراق.