العدد 3089
الخميس 30 مارس 2017
banner
إضافـــــــــة هاني اللولو
هاني اللولو
شمعة تيتي
الخميس 30 مارس 2017

البداية تولد من رحم النهاية أحيانا، وثمة نماذج وأمثلة في عالم كرة القدم يطبع محتواها وتضرب جذورها على شتى مجالات الحياة الإنسانية بكل تفاصيلها الصغيرة.

كان من شأن “خنجر ألمانيا” أن يضع نقطة في السطر الأخير للكرة البرازيلية. “زلزال 2014” ترك تصدعا غاية في العمق، ومخلفاته كانت أكبر من مجرد تبعات أي إخفاق رياضي.

بعد “السباعية” طفت كل المشاكل على السطح، والقاعدة الثابتة للأزمات تتطلب الثبات وقراءة الموقف بعناية، والتأني في اتخاذ القرارات. 

واضح تماما أن الارتجال لم يعد خطوة ذات جودة تؤدي لأية حلول فاعلة، وحجم القرار يفترض أن يوازي في تفاصيله حجم المشكلة. 

تكرر السيناريو ذاته، فاز كارلوس البيرتو باريرا بلقب مونديال 1994، فتم جلبه مجددا لمونديال 2006، وبعدما فاز بلقب 2002 تم استدعاء لويس فيلبي سكولاري في 2014، وعلى نحو مشابه، طلب الاتحاد البرازيلي المعونة من كارلوس دونغا مرة ثانية؛ لإصلاح ما يمكن إصلاحه. 

بعد مرور نحو عامين، اتضح أن “المدرسة القديمة” في إدارة الأزمات قد عفا عليها الزمن.. 

وفي عتمة الظلام التي عاشته كرة البرازيل، وهي في حقيقة الأمر بدت مرادفا للوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، ولدت “شمعة تيتي”.. وغالباً في نهاية كل نفق مظلم تظهر ملامح بقعة ضوء.

ما حققه تيتي في غضون فترة وجيزة يكاد يكون ضربا من الخيال، كيف أعاد هذا الرجل هيبة البرازيل المفقودة؟ 

سؤال معقد، لا تقتصر إجابته على العلامة الكاملة من سلسلة الانتصارات فحسب، بقدر الهوية التي أعادها تيتي للقميص الأصفر، البرازيل عادت لتقمص الشخصية التي كُتب لها أن تكون. 

ليس بالضرورة استباق الأحداث والزمن، فلا ضمان إطلاقا لما تحمله الأيام، تماما كاعتبار البرازيل مرشحة فوق الجميع، مهما تغيرت الظروف.

دروسا لا تنتهي من قصة “عودة البرازيل”: تبدأ من دقة الاختيار، وتمر عبر قبول التحدي، ثم هزم الشعور القاتل بالخوف من الفشل، فالعمل بأسس واضحة والثبات على العوامل الموصلة للنجاح..

لتأتي في نهاية المطاف نقطة جوهرية ومحور حبكة الحياة: لا تبقَ مكتوفا وتلعن الظلام، بقدر ما تستمر باحثا عن إشعال شرارة واحدة لطالما ترقبتها الشمعة من أجل إنارة الدرب. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية