العدد 3082
الخميس 23 مارس 2017
banner
دول المجلس وأتمتة الصناعة
الخميس 23 مارس 2017

 

أنهت اليابان في الأشهر الماضية برنامجا طموحا لتنشيط الصناعة الصغيرة والمتوسطة عن طريق دعم شراء الروبوتات الصناعية وإدخالها في خطوط الإنتاج. في بلد يعتمد على التصدير الصناعي لذلك أثر من جانبين:

أولا، زيادة الإنتاج بما في ذلك للشركات الكبرى لأن بنية الصناعة في اليابان تعتمد على نظام التعاقد أو الاستعانة بشركات أخرى بحيث لا يكون للشركة  كل خط الإنتاج بل أنها تبيع الفكرة. وكل منتج يصل إلى الأسواق يشارك فيه الكثير من الشركات وليس صاحب المنتج النهائي فقط. ولا تستغرب إذا عرفت أن الورش والمصانع الصغيرة تنتج أجزاء موجودة في منتجات نهائية فخمة وغالية الثمن. وهذه البنية الصناعية تجعل القطاع الصغير والمتوسط صاحب أكبر حصة في المشاركة في الاقتصاد ويكون زيادة الإنتاج فيه دعما لمجمل الإنتاج الصناعي.

ثانيا، فإن بلدا يعاني من شيخوخة السكان ويتحفظ على فتح أبوابه للعمالة الوافدة لدواعي الحفاظ على النسق الإنتاجي  الصناعي والحفاظ على الهوية اليابانية فإن الأتمتة تشكل أحد الحلول التي تخلق فرصا وظيفية متخصصة للمواطن وتقلل من الاعتماد على العمالة الوافدة الرخيصة. هناك أسبابا أخرى منها ما يتعلق بالبحث العلمي لأن الشركات سترى أسبابا للاستثمار في البحث العلمي لتصنيع روبوتات بوظائف جديدة ولها سوق موجود أصلا. 

بالنظر إلى مجلس التعاون فإن التحولات الاقتصادية العالمية تفرض البحث عن فرص استثمارية بديلة ليست فقط بسبب تقلبات النفط ولكن أيضا بسبب دخول المنافسة القوية في الصناعات الأخرى التي تعتمد عليها دول المجلس كالصناعات الأساسية كصهر المعادن و التي قد تعتبر في وقت من الأوقات ذات قيمة مضافة مربحة لدول الخليج العربي نظرا لتوافر الطاقة الرخيصة. فزيادة النمو الاقتصادي في الدول الصناعية التي تستورد المواد الأولية كالحديد مثل الصين من دول ذات مصادر طاقة رخيصة كدول الخليج العربي أدى إلى زيادة الطلب على هذه المنتجات ولم تعد الدول المنتجة قادرة على تلبية الطلب العالمي. مما دعا الدول المستهلكة إلى تحفيز قطاع الصناعات الأساسية في بلدانها مما أدى إلى انخفاض أسعارها خصوصا مع انخفاض أسعار النفط وأصبحت هذه الصناعات غير ذات ربحية عالية للدول ذات الطاقة الرخيصة.

إن دخول دول مجلس التعاون في مشاريع لتحفيز الأتمتة مع أنظمة تحفظ للمواطن حق العمل له مزايا على مجمل اقتصادياتها. فهو لا يحد من العمالة الوافدة الرخيصة فقط ولكنه أيضا يحفز قطاعات مرتبطة به كقطاع الاتصالات والهندسة الميكانيكية والبرمجة وتخطيط المصانع والبحث العلمي ويجعل لهذه الدول فرصة في الاستثمار في الاقتصاد المعرفي.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية