+A
A-

وزير "العدل": "وعد" مجدّت الإرهابيين ووصفتهم بـ"الشهداء" وطعنت في الدستور

بدأت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) يوم أمس النظر في دعوى حل جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" المرفوعة من وزير العدل والشؤون الإسلامية، برئاسة القاضي جمعة الموسى وعضوية كل من القضاة محمد توفيق وطارق عبدالشكور ومحمد الدسوقي وأمانة سر عبد الله إبراهيم، إذ مثل الجمعية أمام المحكمة 7 محامين كهيئة دفاع عنها.

ويطالب المدعي -الوزير- في الدعوى من المحكمة حل الجمعية المذكورة وتصفيتها، كونها ارتكبت عدة مخالفات جسيمة، بتمجيدها للإرهابيين واعتبارهم "شهداء" وأنها طعنت في شرعية الدستور وحرّضت على عدم احترامه، فضلاً عن تعريضها على أحكام القضاء ووصفها بأنها غير عادلة بطريق غير مباشر، حسب ما ورد في لائحة الدعوى التي قدمتها للمحكمة.

وخلال نظر الدعوى طالب ممثلو الجمعية المحكمة بإمهالهم للجلسة القادمة لإبراز الوكالة الرسمية عن الأمين العام للجمعية، بعد أن ترد عليهم الوزارة باسمه الوارد في كشوفاتها الرسمية، إذ أنها حسب ما ورد على لسان المحامي سامي سيادي أن الوزارة لم توافق على المؤتمر العام الثامن للجمعية -حسب ما ورد في لائحة الدعوى- والذي تم خلاله تعيين فؤاد سيادي أمينًا عامًا للجمعية، وهو ما دعاهم للاستيضاح من الأمر من الوزارة من خلال خطاب أرسل إليها سابقًا إلا أنهم لم يتلقوا الرد لحين انعقاد الجلسة يوم أمس، مالم يمكنهم من عمل أي توكيل لتقديمه للمحكمة.

هذا وقررت المحكمة إرجاء النظر في القضية حتى جلسة يوم 17 أبريل المقبل؛ وذلك للاطلاع والرد على لائحة الدعوى وإبراز المحامين للوكالة.

وجاء في أسباب رفع الدعوى حسب ما ذكره الوزير في لائحة دعواه أن الجمعية المدعى عليها حبّذت العنف وأيدت الإرهاب والتحريض على تحسين الجرائم والخروج على الشرعية.

وأضاف أنه ارتبط استمراء العنف واستطابة الخروج عن الممارسة السياسية السلمية بفلسفة عمل وإيديولوجية الجمعية المدعى عليها منذ تأسيسها، وقد جنحت في بداية الأمر إلى تطبيق هذه الذهنية السياسية في الواقع العملي من خلال مجموعة من الممارسات والمخرجات المخالفة للقانون، إلى أن بلغت مناهضتها لدولة القانون مبلغًا  غيرَ مسبوق حين أقدمت علنًا دون تورُّع على إطلاق وصف "الشهداء" على جناة حُكِمَ عليهم بعد محاكمة عادلة أسفرت عن حكم بات بالإعدام وذلك لقيامهم بتنظيم وإدارة جماعة الغرض منها تعطيل أحكام الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها متخذين من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضها وتجنيد عناصر لها ومتابعة أنشطتهم في تصنيع واستعمال العبوات المتفجرة واستهداف أفراد الشرطة بقصد ازهاق أرواحهم؛ بغرض إشاعة الفوضى وإثارة الفتن واضعاف مؤسسات الدولة لإسقاطها, وقد وقعت منهم تنفيذًا لأنشطتهم وأغراضهم الإرهابية جرائم قتل والشروع في قتل المجني عليهم من أفراد الشرطة وإتلاف الممتلكات العامة, وثبت أن ارتكابهم تلك الجرائم كان تنفيذًا لغرضٍ إرهابي, فضلاً عن حصولهم على تمويل من جماعة إرهابية خارجية للإنفاق على أنشطتها الإرهابية.

وأفاد الوزير بأن فعل المدعى عليها والمتمثل في اطلاق وصف "الشهداء" على قتلة مدانين ومنفذ ضدهم لأحكام في قضايا قتل وتفجير وإرهاب، إنما يدل بما لا يدع مجالاً للشك على تحبيذ الإرهاب والتحريض عليه، فوصف الإرهابي "بالشهيد" قد يقع في مكان الرضا من بعض النفوس فيفكرون في محاكاة الجاني, كما أنه اسقاط مباشر على القضاء ونزاهته وعدالته, إذ أن وصف الجاني المقضي في حقه حكمًا باتًا بالإعدام لجرائم اقترافها رتب القانون عليها تلك العقوبة بـ"الشهيد" إنما هو تعريض لحكم القضاء ونعتًا غير مباشر له بعدم العدالة.

ولم تقف الجمعية عند هذا الحد في ممارسة تحسين الجرائم الإرهابية فعمدت إلى إطلاق وصف الشهداء كذلك على بعض السجناء الفارين من مسجنهم، والذين قضوا أثناء محاولة هروبهم بحرًا إلى أحد الدول في اشتباك مع رجال الشرطة شهد تبادل لإطلاق النار.

وقد تغافلت الجمعية المدعى عليها أن من أنزلتهم منزلة الشهداء وصفَّتهم في مصاف الأبطال، مدانين في جرائم إرهابية بأحكام نهائية، ولم يترددوا في سبيل تنفيذ مخطط هروبهم أن يردوا قتيلا أحد رجال الأمن الأبرياء المكلفين بتأمين وحراسة السجن الذي يقضون فيه عقوبتهم.

وفي إطار استراتيجية الجمعية الرامية إلى زعزعة الثقة في القضاء البحريني والتحريض على الإرهاب لم تنفك في جل اجتماعاتها عن تأييد جمعية سياسية منحلة بحكم قضائي أدانها بالتحريض على ممارسة العنف والطعن في شرعية الدستور، وكذلك تأييد أمينها العام السابق والمدان في قضايا بينها الترويج وتحبيذ تغيير النظام السياسي في البلاد بالقوة والتحريض على بغض طائفة من الناس والتحريض على عدم الانقياد للقوانين.

وإلى ضميمة ما تقدم وتواصلاً لانتهاكات المدعي عليها لأحكام القضاء وعدم الانقياد لأحكام القانون قامت بضم عضو للجمعية وللجنتها المركزية ليكون أحد قياديّيها بعد أن أدين بجرائم الترويج لقلب نظام الحكم وإهانة جيش المملكة والدعوة والتنظيم والمشاركة في مسيرات غير مخطر عنها وهو المدعو "إبراهيم شريف السيد"، والذي قضيَ بمعاقبته بالسجن لمدة 5 سنوات لإدانته في الجرائم التي نسبت إليه بموجب حكم بات، وكذلك بإدانته ومعاقبته بالحبس لمدة سنة في قضية أخرى تتعلق أيضًا بالتحريض علنًا على كراهية نظام الحكم، مخالفة في ذلك قانون الجمعيات السياسية التي تشترط في العضو أن يكون متمتعًا بكافة حقوقه المدنية والسياسية، وهو الأمر الذي حدا بالوزارة لرفض الاعتراف بالمؤتمر العام للجمعية والذي عقد في 4/11/2016.

وتندرج الممارسات المتقدم رصدها في مدلول تحسين الجرائم والذي يقصد به تصوير الأفعال المعتبرة جريمة في صورة اعمال مشروعة تقتضي الاستحسان والتأييد، وهو مرادف للتحبيذ ويدخلان معًا في معنى التحريض، وقد يتغالى الفاعل فيصورها في صورة الأعمال المجيدة أو يصورها وكأن الجاني أتى فضيلة من الفضائل ومن ثم يضفي على فاعلها وصف البطولة والشجاعة.

وفي ذات سياق العقيدة السياسية المنحرفة التي اعتنقتها ودأبت على مارستها الجمعية المدعى عليها فقد جنحت على نحو مُمنهج إلى الطعن في شرعية الدستور والتحريض على عدم احترامه وبات لديها التعدي على الشرعية الدستورية وثوابت دولة القانون أحد مرتكزاتها، فنجدها في بيان تضامني مع جمعيات أخرى تعلن:

"رفضها لدستور 2002 واعتباره ساقطًا" وأنه "دستور غير شرعي طبخ في الخفاء وفي غفلة من المواطنين" وأنه -أي الدستور- زوّر إرادة الشعب "، وأنه "دستور غير شرعي ومنتهية صلاحيته قبل أن يبدأ" وأنه "جاء خلافًا للتعهدات التي وضعت في الميثاق"، وأن هذا الدستور "جعل للسلطة التشريعية دور ثانوي تابع للحكم".

وتابع، ويأتي ما تقدم بيانه من مخالفات جسيمة -كافيًا للتقدم لعدالة المحكمة بطلب حل الجمعية- في ضوء طبيعة الاتجاه الأساسي للجمعية المذكورة والتي دأبت من خلاله التأسيس المُمنهج للتشكيك في الشرعية الدستورية وبات التعدي على الدستور وثوابت دولة القانون أحد مرتكزات هذه الجمعية.

وقد استمر هذا التوجه من الجمعية المدعى عليها بل أنه قد تحول إلى صورة أخطر من صور التحريض المباشر على رفض مبادئ الدستور حيث دأبت على ترديد عبارة "الأزمة السياسية الدستورية" وهي عبارة ولئن كان لا تتضمن اسناد مباشر إلى الدستور إلا أن مجموع العبارات المستخدمة والمصاحبة لها يستخلص منها أن القصد هو الطعن في أساس مبدأ سيادة القانون وهو ما تجلى بوصفها المنفذ فيهم حكم الاعدام والمجرمين الذي قضوا بالشهداء.

هذا وإزاء ما سبق بيانه من إمعان الجمعية المذكورة في مواصلة نهجها المخالف لأصل مشروعيتها، وبنحو يجعل منها جمعية فاقدة بنحو كلي لمقومات العمل السياسي المشروع، وفي إطار الجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب والعنف والتطرف، بجميع أشكاله وأساليبه ومظاهره وصور دعمه -سواء الصريحة أو الضمنية- وما يمثله ذلك من تهديد لأمن المواطن واستقرار الوطن وتعريض أرواح الأبرياء للخطر واستهداف المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية، وخصوصًا في ظل تزامن ذلك مع ما تتعرض له مملكة البحرين من أعمال إرهابية وتخريبية.

وأشار إلى أن كل ذلك يؤكد مدى الأخطار الناجمة عن استمرار وجود هذه الجمعية ونشاطها على الأمن والاستقرار، ودورها في خلق بيئة حاضنة للعنف والإرهاب، وتقويض المكتسبات الديمقراطية، والإضرار بمناخ العمل السياسي وتطوره.

ولفتت إلى أن من محصلة ما تقدم يتضح جليًا أن مبادئ الجمعية وأهدافها وبرامجها وسياستها وأساليبها تتعارض مع الثوابت الوطنية التي يقوم عليها نظام الحكم في المملكة وذلك بالمخالفة لنص المادة الرابعة من قانون الجمعيات السياسية الذي يعتبر ما تقدم شرطًا من شروط تأسيس الجمعية وأيضا شرطًا لاستمرارها.

وحيث أن المادة (23) من قانون الجمعيات، تنص على أنه (يجوز لوزير العدل أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية الحكم بحل الجمعية وتصفية أموالها وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال، وذلك إذا ارتكبت مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو هذا القانون أو أي قانون آخر من قوانينها، أو إذا لم تقم الجمعية خلال الفترة المحددة في الحكم الصادر بإيقاف نشاطها وفقًا للمادة السابقة بإزالة أسباب المخالفة التي صدر الحكم استناداً إليها.

وعلى المحكمة تحديد جلسة لنظر هذا الطلب خلال السبعة أيام التالية لإعلان صحيفته إلى رئيس الجمعية بمقرها الرئيسي، وتفصل المحكمة في طلب الحل خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ الجلسة المذكورة........).

وانتهت الوزارة إلى أنه ومن جماع ما تقدم يخلص المدعي "الوزير" إلى أن الجمعية المدعى عليها انحرفت في ممارسة نشاطها السياسي بحيث لم يتبق لها من مجال الممارسة السياسية السلمية شيء، بعد أن سعت حثيثًا إلى عرقلة مسار سلطات الدولة -سواء التنفيذية  أو القضائية أو التشريعية- إذ حملت أيديولوجيتها عدوانًا صارخًا على حقوق دستورية مقررة، كما انطوت على انحراف بواح في ممارسة نشاطها السياسي بمعزل عن المكانة التي تحظى أو يتعين أن تحظى بها في ظل قانون الجمعيات السياسية، حيث يتعين أن تدور هذه الجمعيات في فلك احترام هذه المكانة وتوفير كل سبيل يهدف إلى احترام القانون الاحترام الأوفى، ويتطلب ذلك أول ما يتطلب أن تكون مباشرة العمل السياسي الرشيد مما يتعين أن تراعي بشأنه كل دواعي الحرص في إتباع جاد السبيل في شأن إجراءات ممارسته، فبذلك وحده يتحقق مبدأ سيادة القانون الذي هو غاية أساسية ومبدأ كلي يقوم عليه البنيان القانوني بكامله، بما فيه الدستور، بداهة، باعتباره الوثيقة التي تحوي المبادئ التي تحكم حركة المجتمع وتضمن الحقوق والحريات الأمر الذي تغدو معه الدعوى الماثلة -والحالة هذه- مصادفة صحيح القانون ومحمولة على أسباب تكفى لحملها مما يتعين معه الحكم للمدعي بطلباته.

الجدير بالذكر أن وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، صرحت في وقت سابق عن قيامها برفع دعوى قضائية بطلب حل جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، وذلك في ضوء ما ارتكبته الجمعية المذكورة من مخالفات جسيمة تستهدف مبدأ احترام حكم القانون، ودعم الإرهاب وتغطية العنف من خلال تمجيدها محكومين في قضايا ارهاب بالتفجير واستخدام الأسلحة والقتل نتج عنها استشهاد وإصابة عددًا من رجال الأمن، وتأييدها جهات أُدينت قضائيا بالتحريض على العنف وممارسته، والترويج وتحبيذ تغيير النظام السياسي في البلاد بالقوة.

وقالت وزارة العدل إن هذه المخالفات المستمرة شكلت في مجملها خروجا كليا عن مبادئ العمل السياسي المشروع في ظل مبدأ حرية تشكيل الجمعيات السياسية أو الانضمام لأي منها باعتبارها تنظيمات وطنية شعبية ديمقراطية تعمل على تنظيم المواطنين وتمثيلهم في إطار من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والديمقراطية على النحو المبين بالدستور وميثاق العمل الوطني.

وأكدت الحرص على أولوية تصحيح المسار السياسي، والمضي قدمًا في جهود مكافحة الإرهاب والعنف والتطرف، بجميع أشكاله وأساليبه ومظاهره وصور دعمه وما يمثله ذلك من تهديد لأمن المواطن واستقرار الوطن وتعريض أرواح الأبرياء للخطر واستهداف المكتسبات التاريخية والوطنية، وخصوصًا في ظل تزامن ذلك مع ما تتعرض له مملكة البحرين من أعمال إرهابية وتخريبية.

وأكدت الوزارة أن حفظ الأمن واستمرار تعزيز التنمية في كافة المجالات هو الدافع الاساس لكل المخلصين الذين يعملون فوق تراب هذا الوطن وفي مختلف مواقعهم وبمختلف مذاهبهم، الذين وقفوا بصدق في وجه تلك التنظيمات المتطرفة والمشاريع الاقصائية على مر التاريخ وفي مختلف المواقع، ومارسوا دورهم الوطني في البناء والتطوير وخدمة مجتمعهم بلا تمييز.