العدد 3072
الإثنين 13 مارس 2017
banner
الجري في ساحة الأجانب
الإثنين 13 مارس 2017

واضحة أركان هذا السباق غير المحمود ولا الممدوح الذي يهدف في سياقاته لأن تحل بعض المعضلات التي تعاني منها الموازنة العامة بسبب انخفاض أسعار النفط، وذلك عبر فرض المزيد من الرسوم على الكثير من الخدمات التي كانت تقدم في السابق إما مجاناً وإما بأسعار رمزية.

هنا نقف عند مسألتين مهمتين، الأولى تتعلق بالتزاحم عند باب الخزينة العامة، كلٌّ يريد أن يزوّدها بما أمكن من أفكار تستهدف مداخيل الناس، من مخالفات ورسوم مختلفٌ أشكالها، تسابق الأجهزة ومجلس النواب في المقترحات والقوانين، والناس لا تدري من أين تصدّ، وعلى من تردّ، ويستعيضون عن ذلك بالنكت والسخرية من أنفسهم حتى يصل الوضع إلى ما يشبه إهانة ذواتهم لشعورهم بأنه لا سبيل للخروج من هذه الورطة المعيشية.

وهنا، تأتي أهمية التذكير بالذين قالوا بأهمية حفظ ما في الجيب لأن ما في الغيب ليس أفضل، وربما يأتي صدفة، ولكن يصدف أيضاً أن لا يأتي. هنا أيضاً تأتي أهمية الأخذ بمقترحات فرض بعض الرسوم المتدرجة في الكثير من الخدمات، ولكن ما حدث أنها جاءت دفعة واحدة، في فترة واحدة، حتى شعر الناس أنهم مستهدفون بسلوك لم يعهدوه، وأن من كان يربّت عليهم من السابق قلب لهم ظهر المجنّ. والأمر يصعب أكثر وأكثر كلما تواضع دخل الطبقات الاجتماعية من وسط المتوسطة، حتى الأطراف الأخيرة من الطبقة الفقيرة في المجتمع، وهي ليست قليلة، وعلينا النظر إلى الصناديق الخيرية والجمعيات المانحة، وهي ستتأثر مداخيلها ولا شك بتأثر المانحين الذين لا يقتصرون على الأغنياء، بل أيضاً متوسطي الحال، ولكن إن استنزفتهم هذه الرسوم، ومقترحاتها إذا تطبقت، فهذا يعني أيضاً أن مداخيل هذه الجهات الخيرية ستضعف حتماً.

والمسألة الثانية تتمثل في الضغط على “الأجانب” في البلد، والذين يُطلب منهم اليوم تسديد مبالغ محترمة من الأموال لقاء الطبابة والدراسة وغيرها، والسؤال السابق نفسه يتكرر: “لماذا الآن؟”، لأنه باتت عليهم أعباء كبيرة. فالأجانب لم يأتوا من تلقاء نفسهم إلى البلاد، لأنهم إنما جُلبوا لأداء مهمات كثيرة، بعضها بالفعل يمكن لابن البلد القيام بها، ولكن جل الوظائف التي يعملون بها هي من تلك التي لا يعمل بها غيرهم، وبالتالي فهم جزء مهم من دوران آلة الإنتاج لدينا، والنظر إليهم وكأنهم مجرمون، أو خاطفوا اللقمة من أفواه المواطنين، يعتبر جانباً من النظرات المهينة لقائليها قبل أن تكون مهينة للمقالة في حقهم.

لقد كان التعامل العام مع هذه المشكلة خطأ منذ بدايات السبعينات من القرن الماضي، إذ جرى التوسع الهائل في الكثير من النشاطات ذات الطابع الاستهلاكي، وجيء بالآسيوي، وجنسيات أخرى، لكي تشغلها، فلا وجه حقّ لمن يشير إليهم اليوم بأنهم أساس المشاكل: الازدحام، وشحّ الأسماك، وخلو المدن العتيقة من سكانها، وغيرها من التصرفات المجلوبة معهم من بلدانهم، لأن فرصاً لاحت لهم واغتنموها، كما لاحت للبحرينيين في ما مضى في بعض الدول الخليجية في فترات سابقة، ولم يجدوا في ذلك غضاضة.

لو كانت الأمور بالأمنيات، لوددت أن تعود البحرين إلى سنوات سابقة كنا نفخر فيها بأن المواطنين غالبية فيها، أما وقد وصلنا إلى هذا الحال، فإن الأمر تلزمه حلول علمية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية