هل تجتمع السياسة مع الأخلاق، أم هما ضدان لا يلتقيان؟ لنضع، سيدي القارئ، صيغة أخرى للسؤال فنقول: هل يمكن لممتهن السياسة أن يمارس مهنته هذه بحرفية دون التخلي، أو لنقُل، دون التغييب الإرادي المتعمد لبعض ما يعرف بالمكونات الأساسية للأخلاق مثل الصدق والأمانة والنزاهة... إلخ؟

لنطالع معًا هذا الاقتباس للأستاذ الراحل محمد حسنين هيكل، يقول هيكل رحمه الله: “كان (ماكيافيللي) في شرحه للسياسة في رسالته التي أهداها إلى أمير فلورنسا (لورينزو العظيم) يعتبر أن الأمير يستطيع ممارسة السياسة في عزلة عن الأخلاق...” انتهى الاقتباس. 

قبل أن نسقط تعريف ماكيافيللي للسياسة، إن صح التعبير، على الواقع، دعنا سيدي القارئ، نضع هذا السؤال أمامنا ونحن نقرأ الموقف اللاحق: إلى أي درجة تخلى هذا السياسي عن مكونات الأخلاق وهو يدلي بتصريحه هذا؟ وإليك الموقف:

صرح الرئيس الإيراني روحاني أثناء زيارته لعُمان قائلاً: “سياستنا قائمة على حسن الجوار وضمان الأمن في المنطقة وأن إيران لم ولن تفكر بتاتًا في أي اعتداء على أحد أو أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى... وأن سياستنا طالما كانت قائمة على التعاون المشترك مع الأصدقاء والدول الإسلامية”. هل نقيس سيدي القارئ، ما صرح به الرئيس روحاني على مقياس ماكيافيللي لنتعرف على درجة ابتعاده عن الأخلاق ومن ثم عن الحقيقة؟