العدد 3016
الإثنين 16 يناير 2017
banner
جيوبٌ معضوضة
الإثنين 16 يناير 2017

على مدى أيام مضت، اختطف موضوع تباين أسعار المنتجات الاستهلاكية في عدد من كبريات الأسواق هنا، بين ما هو مثبت على السلعة وما يجري احتسابه؛ اهتمام الناس، وكثرت في هذا الشأن المقاطع المصوَّرة من قبل المستهلكين، وكلٌّ يقول قوله في ما تعرّض له.

هناك بعض النقاط المهمة في هذا الشأن، فهي فرصة أكثر من رائعة، وأكثر من ذهبية لجمعية حماية المستهلك لتستقوي وتمارس دورها الجدّي الذي من أجله أنشئت أساساً، فلديها اليوم من المتحمسين جمهور عريض يمكن أن يعمل لها بالمجّان، فلا أحد يحب أن يُستغفل، فمن الممكن أن أدفع ديناراً إكرامية لعامل قدّم لي خدمة، ولا أن يتعمد تاجر أن يغشني أو يسرقني في 25 فلساً، فالمسألة ليست القيمة، ولكنها جانب من الكرامة حين يشعر المرء أنه ضحية، ولو في أقل الأمور، وما إن تكثر هذه الأمور، والاعتياد على دور الضحية، حتى نستمرئ ابتلاع ما هو أكبر بعد أن تمرّنت بلاعيمنا بما يكفي على الاتساع شيئاً فشيئاً.

وتثبت هذه “الهبّة” الاستهلاكية، المقولة “عضّ قلبي ولا تعضّ رغيفي”، حيث غرّد الكثير من الناس ان هناك ما هو أهم، ويجب الالتفات إليه، إلا أن كثرة من الحشود الإلكترونية تحديداً، كانت تهتف بإسقاط المتلاعبين، وهناك من يتشفّى في أيّ من الإجراءات التي تم اتخاذها “فوراً” حيال “المتهمين” بالتلاعب، على الرغم من الجدل الدائر في صحة الإجراءات، وهل لمجرد تغريدة هنا أو هناك يجري إغلاق محل والتشهير به في أقل من 12 ساعة لتباين سعر مشط للشعر أو كريم للتبييض. 

أشارت ردود الفعل إلى جفوة واضحة جداً بين القطاع التجاري وبين الشريحة الأكبر من الجمهور، خصوصاً – للأسف الشديد – أن شرائح عريضة من التجار لا تقوم بتبادل المصالح مع الناس، ولا تلتمس دورها المجتمعي على شكل مشاريع للمنفعة العامة مفتوحة للجميع (وليست لأبناء منطقة أو قرابة أو طائفة)، فتبدو العملية وكأنها: جيوبٌ تدفع، وخزائنُ تبلع!

وإذا كثر التغريد في هذا الشأن، فكذلك كثر النعيق في التبادل الطائفي المعروف الذي لم يُبق إلا الشك في اتجاه الريح بأنه جزء من سلسلة المؤامرات الطائفية، حيث اعتقد البعض أن الغش في الأسعار وحّد الشعب ولو لفترة؛ إلا أنه سرعان ما انقلب إلى تحليلات بدأت برائحة، وانتهت إلى الإسفار عن الوجوه الطائفية والتعبيرات المقززة والنتنة.

ونقطة أخيرة (بحسب مساحة المقال)، إذا كان الوزير المختص قد صرّح في 2014 أن هناك 85 ألف سجل تجاري وستة مفتشين فقط، فما نسبة المفتشين إلى السجلات اليوم؟ وهل بإمكان ستة أو عشرة أو مئة مفتش حماية المستهلكين من التلاعب؟ هذا عن الأسعار فقط، ومازال الحديث طويلا عن التفتيش على المواصفات الأخرى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .