العدد 2927
الأربعاء 19 أكتوبر 2016
banner
المركز الأول
الأربعاء 19 أكتوبر 2016

بداية نعترف بأن البحرين منذ أن كانت إمارة وهي تروي للعالم قصة تفوق ونظام وتطور، ثم جاءت مرحلة الاستقلال، وتحولت لدولة، فأصبح التفوق تفوقين وقفزت من خانة الدول الروتينية إلى مصاف الدول الرائدة والمتطورة بتصدرها المركز الاستراتيجي في المنطقة وخارجها، وهنا أذكر فقط بأن قصة النجاح هذه تمثلت في عبارة أول دولة تبني مصانع بحجم مصنع ألمنيوم البحرين، وأول دولة تبني حوضا لإصلاح السفن والناقلات الضخمة في المنطقة العربية، وأول دولة تبث تلفزيونا ملونا وأول دولة تبث إذاعيا على مدى 24 ساعة، أول دولة تحتضن هذا العدد من البنوك وشركات الطيران العالمية وأول دولة بها مطار دولي يتسع للطائرات العملاقة، وقس على ذلك من صور التفوق والريادة.
ثم تحولت بعد ذلك مع المشروع الوطني إلى مملكة، وبدأت تتطلع نحو مستقبل مشرق لتواصل معه النجاحات والتوفق كما بدأته منذ مرحلة الإمارة والدولة وبدأ الحراك السياسي، وخلال سنوات شهدنا ما يسمى بمرحلة الانفتاح السياسي وأسميها أنا مرحلة الفوضى السياسية، حيث طغى صوت الغوغاء وانطلقت المسيرات والمظاهرات اليومية بمناسبة وبدون مناسبة، حيث شهدت البحرين من المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات ما لم تشهده دولة أخرى في العالم، بلغ الأمر خلال الفترة الأخيرة احتلال الشوارع والدوارات والمستشفيات وحصار المدارس وانتهينا إلى نقطة حصار دار الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة التربية والتوجه بمسيرة إلى الرفاع ونحو قصر الصافرية إلى هذا الحد بلغت الجرأة والتطاول. لماذا استعرضت اليوم هذه القصة من بدايتها من مرحلة الإمارة ثم الدولة ثم المملكة؟ لأن المتأمل اليوم لهذه المسيرة من التفوق والتطور يرى ما وصلنا اليه من مرحلة نراجع فيها أنفسنا فنرى من دون إحراج ولا وجل أننا تخلفنا عن بقية جيراننا وتوقفنا عند مرحلة النجاح الأولى والمركز الأول الذي حققناه منذ حقبة الدولة ولم نصعد أو نقفز للصفوف الأولى التي كنا عليها على مدى عقود، ومن الطبيعي أن نواجه أنفسنا بصراحة ومن دون نفاق بهذا السؤال: لماذا توقفنا؟ بل لماذا تراجعنا؟
إن لم نسأل هذا السؤال وإن لم نواجه أنفسنا بهذا السؤال فلن نعود للمكانة التي كنا عليها وسنبقى في الصفوف الخلفية، ولابد من المواجهة والصراحة حتى لو كانت مؤلمة وحتى لو كشفت لنا المسكوت عنه، فالقفز للصفوف الأولى بحاجة لمكاشفة ومن ثم جراحة تعالج موطن الخلل.
ليس في الأمر ما يزعج إن اعترفنا بحقيقة تراجعنا وليس هناك ما يسيء في المراجعة ونقد الذات وتصويب الوجهة، ما يزعج هو غض الطرف وتجاهل الخلل وعدم رؤية حقيقة تراجعنا عن المركز الأول ومن هنا فقط للتذكير مرة أخرى حتى نتأكد من موقفنا لابد من عودة للوراء وفتح ملف الإنجازات والمكاسب وقصص التفوق وحجم المنجزات التي تحققت في مرحلة الإمارة والدولة حتى نحتل مركزنا الأول في مرحلة المملكة، ومن دون هذه المراجعة واستكشاف الخلل الذي بدأ وهذا ثابت لي منذ أن غلبنا السياسة على البناء والتنمية، هنا بدأ الانحدار وحلت الكارثة باحتلال الدوار. أستعيد كل ذلك وأنا أتألم حينما رأيت منذ أيام إمارة صغيرة من حولنا حققت المراكز الأولى في العالم ونافست الولايات المتحدة الأميركية في مجال المطارات وإدارة الموانئ ومستوى شركات الطيران وبناء ناطحات السحاب هنا تذكرت أننا كنا في المراكز الأولى وبإمكاننا العودة إليها لو عدنا للمربع الأول ومحونا السياسة من قاموسنا اليومي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية