العدد 2850
الأربعاء 03 أغسطس 2016
banner
هَزُلَتْ! (2)
الأربعاء 03 أغسطس 2016

ما هي الحظوظ الرئاسية لدونالد ترامب؟ لا يمكن تجاهل هذه الظاهرة، التي اسمها دونالد ترامب، على الرغم من أنّ هيلاري كلينتون مازالت متقدّمة عليه في كلّ الاستطلاعات، خصوصاً في ضوء عجز المرشح الجمهوري عن تحقيق وحدة حول شخصه داخل حزبه من جهة وعدم قدرته على تحقيق أي اختراق في صفوف الناخبين المتكلمين بالإسبانية أو السود او لدى النساء عموماً والمثليين من جهة أخرى.
حرص الجمهوري تد كروز، الذي نافس ترامب على ترشيح الحزب، على رفض اتخاذ موقف من التصويت لترامب. خطب كروز في مؤتمر كليفلاند وأعلن انه يترك للناخبين التصويت “كلّ حسب ما يمليه عليه ضميره”. من الواضح، كما تقول “واشنطن بوست” أنّ هناك انقساماً داخل الحزب الجمهوري، تحوّل الى انقسام على الصعيد الأميركي. هناك في الواقع هوة عميقة باتت تفصل بين الأميركيين بعدما استطاع دونالد ترامب تسخيف السياسة والانتصار على كل خصومه معتمداً على الغوغائية ولا شيء غير ذلك.
هزلت السياسة في الولايات المتحدة الى درجة أنّه باتت هناك فرص أمام ترامب لدخول البيت الأبيض مستفيداً من أن هيلاري كلينتون لا توحي بالثقة لدى أميركيين كثيرين وذلك بعد التحقيق في قضية رسائلها الإلكترونية. تبادلت كلينتون عندما كانت وزيرةً للخارجية رسائل ينطبق عليها طابع السرّية عبر البريد الإلكتروني الخاص بها، وهو بريد غير مؤمن، كما حال العناوين البريدية الإلكترونية المعتمدة في الوزارة. صحيح ان لا ملاحقة قضائية تبعت ذلك، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ أميركيين كثيرين باتوا متحفّظين تجاه السيدة الاولى سابقاً.
في عالم يعيش في ظلّ الإرهاب الذي ضرب الولايات المتحدة نفسها (جريمة أورلاندو) وفي أنحاء مختلفة من أوروبا، خصوصاً في فرنسا وبلجيكا وألمانيا، يسعى دونالد ترامب الى تحقيق معجزة وصول شخص جاهل تمامًا في السياسة الى سدّة الرئاسة الأميركية. ثمّة من سيقول إن رونالد ريغان سبقه في ذلك. هذا صحيح الى حدّ ما فقط نظرا الى ان ريغان استطاع قبل ان يصبح رئيساً للولايات المتحدة أن يكون حاكماً لكاليفورنيا طوال ثماني سنوات. وهذا ما اكسبه خبرة في الشؤون العامة، فضلاً عن انّه كان يعتمد على مساعدين يمتلكون حدًّا ادنى من الخبرة السياسية والتجربة. الأهمّ من ذلك كلّه، كانت لدى رونالد ريغان فكرة واضحة عن كيفية الانتصار في الحرب الباردة وكيفية الذهاب بعيداً في المواجهة مع الاتحاد السوفياتي الذي سمّاه “امبراطورية الشر”.
ما أوصل أميركا الى ما وصلت اليه هو ذلك الفراغ الذي خلقه باراك أوباما الذي أراد الانتقام من جورج بوش الابن ومن سياساته. ارتكب بوش الابن كلّ الأخطاء الممكنة، خصوصاً في العراق. لكنّ معالجة هذه الأخطاء لا تكون باعتماد سياسة تقوم على السير في اتجاه معاكس تماماً لكلّ ما قامت به إدارة بوش الابن. شمل ذلك التفرّج على المأساة السورية والاستسلام امام إيران وروسيا بواسطة شخص اسمه جون كيري يصلح لكلّ شيء باستثناء أن يكون وزيراً للخارجية.
هذه ليست سياسة. هذه نكايات أدت إلى مهزلة. من بين ما أدت اليه كارثة اسمها صعود دونالد ترامب الأقرب الى مهرّج من ايّ شيء آخر.
لعل الأخطر من ذلك كلّه ان لدى ترامب فرصاً ولو ضعيفة في ان يصل الى الرئاسة. من كان يصدّق انّه دمّر كل منافسيه داخل الحزب الجمهوري وكاد ان يدمّر الحزب نفسه؟
لم يترك دونالد ترامب مجالاً سوى لعبارة واحدة هي ان السياسة الأميركية هزلت فعلاً. من يرى كيف تعاطى باراك أوباما مع مأساة الشعب السوري، لا يعود يستغرب شيئاً!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .