العدد 2849
الثلاثاء 02 أغسطس 2016
banner
هَزُلَتْ! (1)
الثلاثاء 02 أغسطس 2016



إذا كانت هناك حسنة لاعتماد الحزب الجمهوري، على الرغم من الانقسامات والتجاذبات التي يعاني منها، دونالد ترامب مرشّحًا له للرئاسة الأميركية، فإن هذه الحسنة تتمثل في انكشاف الولايات المتحدة. هناك هزالة أميركية ليس بعدها هزالة، على الصعيد السياسي طبعاً. يقول ترامب كلّ شيء عن الحاجة الى الأمن وضرورة ان تكون أميركا “قوية”، لكنه ينسى أنّ هناك مأساة لا شبيه لها في القرن الواحد والعشرين تتحمّل بلاده مسؤوليتها. هذه المأساة هي مأساة الشعب السوري الذي قبلت إدارة باراك أوباما تشريده داخل سوريا وخارجها وأن يحلّ به ظلم لا يوجد بعده ظلم.
تحدّث ترامب في خطابه الطويل الذي ألقاه في كليفلاند (ولاية أوهايو) عن كلّ شيء. حاول تدوير الزوايا من اجل اقناع النساء والسود وأولئك الذين يتحدّثون الاسبانية (المهاجرين الآتين من دول أميركا اللاتينية) بالتصويت له. هؤلاء باتوا يشكّلون ثقلاّ كبيراّ على الخريطة الانتخابية للولايات المتحدة. خفّف من حدة لهجته تجاه المسلمين، بعدما كان يعتقد ان الحل بمنعهم من دخول الأراضي الأميركية، وحتّى تجاه المثليين. لكنّ كلّ كلامه يعكس نوعاً من الفراغ السياسي تعاني منه الولايات المتحدة.
في سياق هجومه على هيلاري كلينتون، بدا كأنّه نادم على صدّام حسين ومعمّر القذافي ورافض الاعتراف بواقع أن بشّار الأسد ونظامه صارا في مزبلة التاريخ وأن السكوت عن هذا النظام اكبر خدمة تقدّم لـ “داعش” وكلّ ما له علاقة من قريب أو بعيد بهذا النوع من التنظيمات الارهابية. حمّل كلينتون، بصفة كونها وزيرة للخارجية في الولاية الأولى لباراك أوباما مسؤولية كلّ المشاكل التي يعاني منها العالم حاليا، بما في ذلك مسؤولية توقيع الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني الذي عكس سذاجة، ليس بعدها سذاجة، لباراك أوباما والمحيطين به. لم يلاحظ ان الاتفاق مع إيران لم يوقع عندما كانت كلينتون في الخارجية!
هل يصلح رجل لا يعرف شيئاً في السياسة يستطيع الانتقال من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، “رجل متعجرف ولا يقرأ كتاباً ولا يستمع لأحد” على حد تعبير صحيفة “واشنطن بوست”، أن يكون رئيساً للقوّة العظمى الوحيدة في العالم؟
عفواً، يعرف ترامب كيفية إتمام الصفقات. هل يمكن للصفقات الناجحة، او الفاشلة في أحيان كثيرة، ان تجعل من رجل اعمال رئيساً للولايات المتّحدة؟
لا يخجل ترامب من تبديل مواقفه بين ليلة وضحاها. وعندما يواجه بالحقيقة وبأن الكلام الذي قاله امس، وهو كلام موثّق، مغاير كلّيًا للكلام الذي يقوله اليوم، لا يأبه بذلك. يتصرّف وكأن من قال كلام الأمس شخص آخر غير دونالد ترامب. فالرجل يعيش ليومه. إنّه يستغلّ الجمهور الأميركي بما يدور في العالم للوصول الى البيت الأبيض.
لا يخجل ترامب من أي امر، بما في ذلك استخدام زوجته عبارات مأخوذة من خطاب ألقته ميشيل أوباما في العام 2008 في اثناء الحملة الانتخابية لزوجها. استعادت ميلينيا ترامب العبارات كما هي، ثمّ ألقت اللوم في ذلك على من أعدّ لها الخطاب. هذا يدل بكل بساطة على عدم معرفة فريق ترامب الناس من جهة وعدم امتلاك الرجل الحد الأدنى من السلوك الأخلاقي من جهة أخرى. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية