العدد 2843
الأربعاء 27 يوليو 2016
banner
“الديمقراطية الفوضوية”
الأربعاء 27 يوليو 2016

كما يريدها الغرب لنا هي الفوضى الكاملة بامتياز، وحتى نُرْضي الإله الغربي علينا أن نعيد الجنسية لمحرض إرهابي كعيسى قاسم حتى نكون ديمقراطيين، وكي نُرْضي الإله الغربي علينا إعادة الحرية للوفاق كي تعبث كما تأمرها إيران بأمننا واستقرارنا، ولكي نُرْضى الإله الغربي ونطبق الديمقراطية كما يزعمون علينا ترك خلايا إيران في الداخل تتظاهر وتعتصم وتسد الشوارع وتحرق الإطارات وتفجر العبوات حتى  نكون ديمقراطيين، ملخص الكلام لكي نُرْضي الإله الغربي ونؤمن بديمقراطيته علينا القبول بإسقاط أنظمتنا المستقرة والتشبه بالعراق وليبيا والخضوع لإيران الثيوقراطية حتى نرضي الغرب ونطبق الديمقراطية، بؤسا لهذه الديمقراطية، بل لعنة على ديمقراطية كهذه.
الملف الأمني هو الملف الأول الذي يحظى بالأهمية سواء لدى الدولة أو المواطنين، وثبت بما لا يدع مجالاً للشك من خلال تجارب العديد من الدول فى العالم أن الملف الأمني يأتي قبل الملفات الأخرى الساخنة مهما كانت من الأهمية وذلك لما قاسته هذه الدول من معاناة وحرمان وتلف أوصال الدولة، وأدى بهذه الدول الى الاقتناع بأن ملف الأمن أهم من كل الملفات لأنه ببساطة أصل الملفات الأخرى وهو الطريق لحل الملفات الأخرى ولولا الأمن لما كان هناك استقرار اقتصادي، ولولا الأمن لما كان هناك استقرار ثقافي أو اجتماعي فالأمن لمن لم يذق طعم الاستقرار يكفل كل الملفات، واسألوا المواطن العراقي عن أهمية الأمن والاستقرار، سيخبرونكم الكثير من القصص والحكايات الخرافية التي لن تكفي مجلدات ألف ليلة وليلة بكل اللغات لتروي قصص الرعب والخوف والذعر الذي يعيشه الانسان العراقي بسبب فقدان الأمن والاستقرار، وطالما دولة من الدول تنعم بالأمن والاستقرار، وطالما بالإمكان توفر الأمن فإن كل شيء بعد ذلك يمكن عن حله.
أقول هذا الكلام لأن البعض من الذين تتحدث معهم وتناقشهم في ضرورة توفر الأمن والاستقرار لبلدنا يبدأون بفلسفة الأمور والدخول في حلبة صراع باستخدام العبارات المنمقة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وغيرها من المفردات التي كدنا نكفر بها ونحن نرى من يمسك هذه المفاهيم وهذه العبارات ويتلاعب بها طوال السنوات الماضية من دون احترام ولا تقدير ولا فهم لمثل هذه العبارات، وشبعنا من الحديث عن مفهوم الديمقراطية، بل كفرنا بها لشدة توظيفها من قبل البعض ممن يريد زعزعة الأمن باسم الديمقراطية وتدمير الاقتصاد باسم الديمقراطية والتلاعب بأرزاق الناس باسم الديمقراطية.
بصرف النظر عن موقفنا مما حدث في تركيا لكن رأينا حينما تعرض النظام التركي لمحاولة انقلابية ماذا كانت ردة فعل الحكومة التركية؟ لقد بدأت حملة تطهير لم تكتف بالجيش الذي قاد فصيل منه هذه المحاولة  وإنما شملت الإعلام والصحة والتعليم والثقافة والصحافة ولم تترك الحكومة هناك مرفقا أو قطاعا إلا طهرته ليس فقط ممن لهم علاقة بالمحاولة الانقلابية وإنما لكل معارض لها، لقد اسْتُغلت تلك المحاولة لوضع حد للمعارضة هناك، فماذا نقول نحن الذين تعرضنا ومازلنا للتخريب والتآمر والتشويه والتحريض من الداخل والخارج؟ ولا يستحي الغرب وأبواقه ومنظماته من مطالبتنا بالديمقراطية، أي الفوضى الكاملة. 
من هنا أعود لصلب الموضوع، إن من يحرق ويدمر ويهز استقرار البلد وأمنه لا يختلف عن الذي يحرض وينظر للفوضى، فكل هذه الأفكار تصب في تحجيم البلاد وإغلاقها وتهديد اقتصادها وهروب استثماراتها، وكل ذلك يتعارض مع الديمقراطية التي يطالب بها الغرب ولا يحترمها الغرب نفسه، فبؤسا للديمقراطية التي هي الفوضى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية