العدد 2825
السبت 09 يوليو 2016
banner
التأسيس السعودي... عبدالعزيز والتدين
السبت 09 يوليو 2016

كل من جلس مع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، واستمع إليه، وعاش بالقرب منه، يؤكد صفة أساسية فيه، هي التدين بمعناه الطبيعي والصادق.
كان يكره المحرمات، ويعاقب عليها، ومن ذلك كرهه الشديد المعروف عنه لرائحة الدخان، حتى أنه قام ذات مرة من اجتماع له كان مع ملك العراق الهاشمي فيصل الأول، على ظهر الطراد الإنجليزي (لوبين)، بمجرد أن أخرج الملك الهاشمي علبة السجائر، رغم اشتراط عبدالعزيز على الحكومة العراقية عدم التدخين أمامه قبل عقد الاجتماع، وتبين لاحقا أن ملك العراق لم يكن على علم بهذا الشرط. كما جاء بكتاب “من شيم الملك عبدالعزيز”.
الحاصل أن تعلق الملك عبدالعزيز بالصلاة وقراءة القرآن، ومحبة أهل التدين، صفة ظاهرة فيه، ومن ملامح شخصيته الرئيسية، وهو دوما يؤكد أن نجاحه يرجع لتوفيق الله، وأنه يطبق شرعه.
ولأنه إنسان صادق التدين، فقد كان يكره الغلو، ومن يعتدي على الناس والدولة باسم الدين، وموقعة “السبلة” معبرة عن ذلك.
ثمة قصة شهيرة تلخص طبيعة تعامل الملك عبدالعزيز مع “طلبة العلوم الدينية” والوعاظ، رواها مستشار ومبعوث الملك عبدالعزيز للمشايخ “الشيخ” حافظ وهبة.
يذكر بكتابه “جزيرة العرب في القرن العشرين” هذه الواقعة: أخبرني جلالة الملك، في شعبان سنة 1351هـ - ديسمبر 1932م – في أثناء زيارتي الرياض، أن بعض كبار رجال الدين حضروا عنده سنة 1931م، لمّا علموا عزمه إنشاء محطات لاسلكية في الرياض وبعض المدن الكبيرة في نجد. فقالوا له: يا طويل العمر، لقد غشك من أشار عليك باستعمال التلغراف وإدخاله إلى بلادنا، وإن “فلبي” سيجر علينا المصائب، ونخشى أن يسلم بلادنا للإنجليز، فقال لهم الملك: لقد أخطأتم، فلم يغشنا أحد، ولست - ولله الحمد - ضعيف العقل، أو قصير النظر، لأخدع بخداع المخادعين. وما “فلبي” إلا تاجر، وكان وسيطا في هذه الصفقة، وإن بلادنا عزيزة علينا لا نسلمها لأحد إلا بالثمن الذي تسلمناها به. إخواني المشايخ، أنتم الآن فوق رأسي. تماسكوا بعضكم ببعض، لا تدعوني أهز رأسي فيقع بعضكم أو أكثركم، وأنتم تعلمون أن من وقع على الأرض لا يمكن أن يوضع فوق رأسي مرة ثانية. مسألتان لا أسمع فيهما كلام أحد، لظهور فائدتهما لي ولبلادي، وليس هناك أي دليل من كتاب الله أو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمنع إحداث اللاسلكي والسيارات.
كان صادق التدين، لذا طور بلاده، ولم يصغ لوساوس المعطلين. الشرق الأوسط.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية