العدد 2803
الجمعة 17 يونيو 2016
banner
أحمد عمران
أحمد عمران
الكل مسؤول عن هذا الوضع
الجمعة 17 يونيو 2016


ما إن يحل الشهر الفضيل يندفع الناس نحو الأسواق لشراء كل ما تقع عليه أعينهم مما يحتاجونه وما لا يحتاجونه من الأطعمة والسلع الغذائية المختلفة، ونرى التدافع الكبير الذي يحصل من أجل الاستفادة من العروض الترويجية ومهرجانات التخفيض التي تقدمها الشركات على بعض السلع، إضافة إلى تلك الطوابير الطويلة للمتسوقين، أما المحاسبون فإنهم في مشهد غير اعتيادي وكأننا مقبلون على مجاعة أو أزمة اقتصادية تستوجب شراء وتخزين تلك الكميات الكبيرة من السلع التي تفوق احتياجاتهم اليومية. وكأن هذا الشهر الذي من المفترض أن يكون شهر عبادة وطاعة أصبح شهرا لملء البطون وتنافس في إنتاج الأطعمة فقط في تعارض صارخ مع روحانية شهر رمضان. بعد أن كانت وجبة الإفطار في المجتمع البحريني والخليجي بشكل عام وجبة تضم نوعين أو ثلاثة من الأطباق يتسيدها “الثريد” و”الهريس” أصبحت اليوم عبارة عن “بوفيه” شامل يضم أنواعا مختلفة ومتنوعة من الأطعمة الخليجية والعربية والأوروبية بل وحتى الآسيوية مما يجعل مائدة الإفطار تغص بالأطعمة والمشروبات، وهذه العادات الخاطئة جعلت الأسر تشعر بخجل عندما تكون كمية الطعام بسيطة أو مقتصرة على طبق أو طبقين حتى صار البذخ والإسراف إحدى العلامات الفارقة في هذا الشهر الفضيل على وجه الخصوص والتي لا تقتصر على فئة معينة من المجتمع وإنما تشمل جميع الفئات. ولعل أكثر المناظر إيلاما مصير تلك الأطعمة التي لم تنل حضها من الأكل أو التي استهلك منها الجزء القليل، حيث ستكون عاقبتها في حاوية القمامة، وفي المقابل تنال هذه الأطعمة حضا أكبر في التصوير والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي في موقف تتجسد فيه روح التباهي والتفاخر بموائد الشهر الفضيل، وللأسف الشديد يغض النظر عن مصير ما يتبقى من هذه الأطعمة الفائضة التي ستؤول بكل بساطة إلى صناديق القمامة بدلا عن الصناديق الخيرية. المشكلة تكمن هنا في أن أغلب المواطنين تغيب عن ذهنهم ثقافة الاستهلاك المعتدل للطعام، ويتضح هذا جليا في تحضير عدد كبير من الأطباق التي تفوق حاجتهم اليومية الأمر الذي يدعو للمبالغة في تناول الأطعمة دون وعي بالمخاطر الصحية المحدقة التي من الممكن أن تؤدي إلى الإصابة بالأمراض الشائعة كالسكري وضغط الدم وغيرها. كذلك تغيب ثقافة حفظ الأطعمة لدى الكثير من الأسر البحرينية، فنجدهم لا يحسنون التعامل مع الأطعمة الزائدة أو المتبقية من الموائد وبالتالي يؤول مصيرها إلى القمامة بدون وعي وهذا هو الإسراف بعينه وهو عمل مناف لتعاليم ديننا الحنيف ويدل على غياب واضح للثقافة الاستهلاكية في المجتمع، وهذه الظاهرة تتكرر في شهر رمضان ولابد من الحفاظ على الأطعمة بأي شكل من أشكال الحفظ فالاستهانة بالنعم ورميها مع النفايات هو قمة التبذير والإسراف. وهنا نتساءل أين دور وزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة الأشغال وشؤون البلديات وشؤون الإعلام؟ أين دور مؤسسات المجتمع المدني؟ أين دور الجمعيات الخيرية؟
لذلك فمن الضروري القيام بحملات توعوية تذكر بأهمية نشر ثقافة حفظ النعمة في مجتمعنا، والتغلب على مظاهر البذخ ورمي الطعام الزائد وتبني جمع الباقي من الأطعمة والمواد الغذائية وإعادة توزيعها على المحتاجين، ولابد أن يعي الجميع أنهم شركاء في حفظ النعمة ابتداء من الأسرة والمجتمع إلى المدرسة والمؤسسات بمختلف أعمالها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .