العدد 2801
الأربعاء 15 يونيو 2016
banner
الأمر بأيدينا لنزيل الخوف
الأربعاء 15 يونيو 2016

مشكلتنا مع الخوف هي التي أوصلتنا شعوباً وحكاماً في المنطقة إلى هذا الحد من الضعف والهوان، مشكلتنا مع التردد والشكوك في قوتنا وإرادتنا هي التي فرضت الأجنبي وصياً علينا وفي بعض الأحيان عدواً لنا، من منبع الخوف خرجت مشكلتنا ولم ننتبه لها إلا مؤخراً حينما انتفضت المملكة العربية السعودية في وجه الوصايا الغربية واتخذت ما رأته في مصلحتها ومصلحة المنطقة، ولولا ذلك لبقينا أسرى الخوف الذي زرعه فينا الأجنبي وغذته شكوكنا في قدرتنا، فقد كنا نخشى إيران ونعتقد بأنها قوة إقليمية خارقة لا نملك ما نواجهها به حتى أصبحت ومازالت هي تعتقد بأنها شرطي المنطقة بعد أميركا التي تعتبر نفسها شرطي العالم، ظللنا نخشى الإرهابيين المحليين وطوابير إيران ونعتقد بأنهم إن تحركوا أو غضبوا سوف يقلبون الطاولة علينا.
كنا نخشى مشيمع ونخشى علي سلمان ونخشى عيسى قاسم، ونعتقد بأن إيران وراءهم تحميهم، حتى وضعنا حداً لهم واكتشفنا بأن خوفنا لا مبرر له.
على مستوى المنطقة وكمجلس تعاون ظللنا نخاف ونخاف من أي تحرك أو مجرد أن نرفع رؤوسنا في وجه الأجنبي، في البداية لعبت بنا إيران لسنوات وكنا نعتقد أنها من القوة بأن تحتلنا في دقائق، وظل الخوف يلاحقنا منذ أن احتلت جزر الإمارات حتى تصرفاتها الهوجاء في البحرين والكويت وبلغت عنجهيتها في اليمن حتى جاءت المملكة العربية السعودية الشقيقة حفظها الله ووضعت حداً للغطرسة الولائية، كما ظل خوفنا من الغرب وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة التي ما إن يعلق مسؤول فيها على أوضاعنا الداخلية حتى نسارع بالعمل على تصحيح تلك الأوضاع حتى لو كانت الأوضاع طبيعية فالمهم أن نرضي العم الأكبر القابع في البيت الأبيض، وللأسف الشديد ظل خوفنا من العم الأميركي حتى  في عهد أوباما أضعف رئيس أميركي مر على البيت الأبيض، لم تبق دولة في العالم لم تتحده من فنزويلا حتى الإكوادر إلا نحن فبمجرد ما ينطق أوباما حتى يتدافع الرؤساء والقادة لمحاولة إرضائه إلى ان تحركت الممكلة العربية السعودية كالعادة ومنذ العاهل السعودي الراحل رحمة الله عليه الملك عبدالله ووضعت أوباما في حجمه الطبيعي ولم نر غزواً اميركياً للمنطقة كما كنا نخشى، بل مجرد تصريحات جوفاء مفلسة يطلقها الساسة الأميركان للتغطية على اخفاقاتهم، من أمثال الدمر مساعد وزير الخارجية الذي لا أريد حتى مجرد لفظ اسمه، وهذه التصريحات الاستفزازية تجاه البحرين والسعودية ما هي الا دليل ضعف وانهزامية وليست دليل قوة، فالقوي لا يطلق التصريحات المتسترة وراء موظفين في الخارجية أو في البيت الابيض، القوة تعني المواجهة الصريحة المكشوفة لأننا تحديناكم سوف ترون، هكذا المواجهة وليست استغلال حقوق الانسان وادعاءات باطلة للغمز من هذه القناة أو تلك.
أعود لموضوعي الأساسي وهو الخوف، لقد زرعنا في أنفسنا الخوف بأنفسنا ولم ننتبه إلا مؤخراً وبدرجة محدودة الى اننا نملك من القوة المادية والمعنوية ومن الثقة في أنظمتنا وشعوبنا ما نجعل به أنفسنا قوة واثقة من خطواتها ومن إمكانياتها، وهذا ليس وهما، بل واقع لو فَعلْناه مثلما فعلت السعودية في اليمن وفي ملف الحجاج وغيرها من الملفات الساخنة الأخيرة لاكتشفنا حجمنا الحقيقي الذي لم ترعبنا من خلاله لا إيران الدمرة ولا غيرها، والمثل الشعبي الصادق يقول “من جعل من نفسه سبوس لعب به الدجاج”، ونحن للأسف ظللنا سنوات سبوس ولعب بنا الدجاج والحمام وحتى الطيور، لقد كنا نخشى الكثير من الأوهام، نخشى عيسى قاسم وعلي سلمان، حتى أدركنا أخيراً ان الأصنام سقطت والأوهام تبخرت والحقيقة هي أننا نملك خيارنا ومصيرنا ولا أحد يخيفنا.
فهل نَتَعَقل ونستمر في صحوتنا الإرادية أو ننكفئ ونعود لجحورنا؟ الأمر بأيدينا.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .