العدد 2791
الأحد 05 يونيو 2016
banner
سؤال لوزير في مسألة بسيطة جداً
الأحد 05 يونيو 2016

أية جريمة أكبر من إضاعة الوقت؟ وأية جريمة أكبر من إهدار الوقت خصوصا إذا كانت من جهة رسمية خدماتية لمواطن قصدها بشأن خدمة فوجد مقابل ذلك ماكينة من الروتين لا يمكن تصورها إلا في الدولة العثمانية السحيقة، هذه المقدمة ليست سوى شكوى بمرارة من مشكلة خلقتها البلدية ولا تستطيع حلها، حتى وصلت للوزير شخصياً وحتى الآن مازالت “عويصة” على الحل، ولا يخطر ببالكم أن المشكلة كبيرة ومعقدة وتحتاج لفريق بحث، إنما مشكلة خطأ فني بسيط جداً يحله عادة موظف في دقيقة ولكن حين يتحول الأمر لمشكلة في حد ذاته هنا يعجز حتى الوزير عن حلها، لماذا؟
أساس المشكلة أنه حينما يرتكب موظف صغير خطأ فإن جهاز الوزارة كله يهب للدفاع وعدم الاعتراف، حتى يتفاقم الخطأ ويعجز الوزير ذاته عن حله.
المشكلة باختصار، تم إخلاء محل إيجار من بناية، وتم تسديد مبلغ الإيجار الأخير وصدرت وثيقة بتاريخ الإخلاء واضحة في إبراء ذمة، وذهبت نسخة منها للبلدية منذ أكتوبر عام 2014 والمستند موجود ومضمونه كالتالي “نقر نحن شركة م بأن س يحمل الرقم الشخصي 00 والسيد ص ويحمل الرقم الشخصي  00 لا يلتزمان بأية مستحقات مالية للشركة بخصوص ايجار المكتب إذ انه تم الغاء العقد باتفاق الطرفين المؤجر والمستأجر وأعطيت هذه الرسالة بناء على طلبهما”، هذه الرسالة مكتوبة على ورقة رسمية من الشركة المؤجرة وبتاريخ واضح ومحدد ذكرته آنفاً، المشكلة أن البلدية لم تجد هذه الرسالة لديها ومنذ ذلك الحين وحتى  اليوم تقوم بخصم مبلغها باعتبار أن المبنى مازال مؤجرا، وفي الوقت ذاته هناك أكثر من طرف آخر قام باستئجار هذا المكتب نفسه والسؤال أين “سستم” البلدية عن هذه العناوين وكيف لم يعرف خلو المكتب الأول؟ وهل البلدية تخصم على أكثر من مؤجر في مكان واحد؟ وفوق ذلك حتى بعد ان قُدمت نسخة مرة أخرى للبلدية  ووصلت لمكتب الوزير وتمت مخاطبة أكثر من مسؤول وأكثر من موظف من سكرتارية الوزير حتى أصغر موظف في البلدية، مازال “سستم” البلدية يخصم المبلغ وكأن الرسالة المذكورة لم يطلع عليها احد من كل هؤلاء على الاطلاق.
مشكلتنا في هذا البلد أحيانا وفي بعض المؤسسات الرسمية حين لا يصبح هناك وقت لقراءة المستندات، فالمسألة واضحة ومدعومة بمستند وقد يحلها أصغر موظف في أقل من دقيقة ولكن عندما تتحول لوزير والوزير يحولها لوكيل والوكيل يحولها لوكيل مساعد والوكيل المساعد يحولها لمدير والمدير يحولها لمشرف القسم ومشرف القسم يحولها لموظف، والمفروض أن تكون منذ البداية عند الموظف المختص ولكنها مادامت جاءت “من فوق” فالموظف الصغير يخشى  حلها كونها مرت على كل هؤلاء ولم يكلف واحدا من هؤلاء نفسه قراءة المستند واتخاذ قرار فيه، لأن هناك خطأ صغيرا وقع وهو أن المستند لم يصل للمسؤول المباشر منذ البداية.
تخيلوا مسألة بسيطة كهذه وصل الحديث فيها مع الوزير مباشرة أكثر من مرة، ولو أن ثمة من قرأ هذا المستند وبحث عن الخطأ لانتهى كل شيء في ساعة واحدة بدلاً من شهور اهدر فيها وقت الجميع بمن فيهم الوزير ذاته، وحتى الآن والبلدية تقوم بالخصم على اعتبار ان المحل مازال مؤجرا، لقد تكلمنا في الموضوع مع الوزير شخصياً ومع مكتبه ومع أكثر من سبعة أشخاص في البلدية ومازال الموضوع قيد البحث والتنقيب والدراسة، أي وقت هذا الذي نتحدث فيه عن الإنجاز؟ إن هذا يشبه مسرحية سريالية يطلب فيها الوزير تقريرا ويطلب الوكيل تقريرا ويطلب المدير تقريرا ويطلب المشرف تقريرا، أوراق وفتح ملفات واتصالات تلفونية ومستند واحد بسيط وواضح منذ البداية، يتم ارساله عشرات المرات، فكل موظف يطلبه من جديد لأن أحدا لم يرسله له ممن استلمه قبله، بل حدث مرة أن سأل موظف بمكتب الوزير عن أي مستند تقصد وكان قبل يومين هو نفسه من استلم المستند بالفاكس وأكد استلامه بنفسه، من حق البلدية تحصيل الأموال ولكن ليس بأسلوب سلب المواطن عيني عينيك، أو بإغفال الأخطاء والتستر عليها.
ماذا تقولون في جريمة إضاعة الوقت؟
خلاصة المسألة سؤال لوزير البلديات، متى تحل هذه القضية التي تبدو أعقد من قضية فلسطين؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .