العدد 2781
الخميس 26 مايو 2016
banner
المتقاعدون وأنظمة التقاعد
الخميس 26 مايو 2016


ما يدور من حديث محتدم حول احتمال تغيير نظام التقاعد الاجتماعي هو في حقيقته حديث عن مستقبل عوائل بحرينية بات مصدر رزقها الوحيد وهو المعاش التقاعدي، وبالتالي، من الطبيعي أن يثير هذا الحديث مخاوف كثيرة لدى عامة الناس.
ووفقا لبيانات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية يبلغ عدد البحرينيين الذين يستلمون معاشات التقاعد (الأحياء والأموات) نحو 51 ألف بحريني يستلمون متوسط راتب تقاعدي قدره 673 دينارا أي نحو 34 مليون دينار شهريا ونحو 408 ملايين دينار سنويا في نهاية العام 2015، بينما وفقا للبيانات المالية المدققة للعام 2014 بلغ صافي المزايا التي تدفعها الهيئة 360 مليون دينار بينما بلغ مجموع الاشتراكات التي استلمتها 389 مليون دينار وحققت الشركة عوائد من استثمارات أموال المشتركين بلغت 108 ملايين دينار وبعد خصم المصاريف بلغ صافي دخل الهيئة نحو 95 مليون دينار.  وهذه البيانات تبين أن وضع التأمينات الاجتماعية لغاية الآن مطمئن ولكن الحديث يدور دائما عن العجز الاكتواري الذي قد يتحقق خلال 10 – 15 سنة المقبلة؛ بسبب تزايد أعداد المتقاعدين من جهة وعدم كفاية اشتراكات التقاعد من جهة أخرى.
وموضوع العجز الاكتواري بطبيعة الحال موضوع مرتبط بالفرضيات والسيناريوهات التي وضعت لاحتسابه وتجاوزه، وبالتالي لن يكون محل اتفاق وسيكون دائما موضوع نقد وتشكيك.
فعلى سبيل المثال، عندما ندخل في دهاليز الفرضيات التي وضعت لاحتساب العجز الاكتواري والسيناريوهات المطلوب تنفيذها لتجاوز هذا العجز سوف نجد أنفسنا نطالب بتغيير أولويات هذه السيناريوهات. فعلى سبيل المثال، بدلا من الحديث عن سيناريوهات زيادة اشتراكات المشتركين أو زيادة سن التقاعد أو تقييد التقاعد المبكر وإلغاء مبلغ نهاية الخدمة، بدلا من ذلك يجب أن تكون الأولوية لتصحيح معادلة احتساب الراتب التقاعدي للمتقاعدين لكي ينصف بصورة أكبر ذوي الرواتب الأدنى ويقلل من الراتب التقاعدي لذوي الرواتب الأعلى.
كذلك موضوع استثمارات الهيئة، فالبيانات المالية المدققة للعام 2014 تظهر أن الهيئة تمتلك نحو 3.2 مليار دينار بين أموال سائلة واستثمارات.
ولو فرضنا إن 3 مليارات دينار من هذه الأموال قابلة للاستثمار وتحقيق العوائد، فإن العائد المتحقق وقدره 108 ملايين دينار لا يعادل إلا أقل من 4 % عائد على هذه الاستثمارات، وهو عائد ضئيل جدا ويمكن تحسينه وزيادته بصورة كبيرة. 
نحن مع إعادة النظر في نظام التأمينات الاجتماعية بحيث تحكمه سياسة الحماية الاجتماعية الكلية للدولة، فليس صحيحا أن يتساوى ذوي الرواتب الدنيا وذوي الرواتب العليا في نسبة الاشتراكات في التأمين الاجتماعي وكيفية احتساب المعاش التقاعدي وجميع امتيازات التأمين الاجتماعي.  في بعض الدول مثل تشيلي يضمن نظام التأمينات الاجتماعية فقط تقاعد ذوي الدخل المحدود لمنعهم من السقوط تحت خط الفقر. وفي بلدان أخرى يقوم بتسديد مبلغ متساو لجميع المشتركين يقترب أو يزيد قليلا عن حد الفقر (بريطانيا ونيوزيلندة) أو يقوم باختبار درجة الرفاه، حيث يمنع من هو في غير حاجة من استلام أية مبالغ تقاعدية (استراليا).
بينما نحن في مجتمع يخلو من ضرائب الدخل وبالتالي نجد من الضروري العمل على تحقيق شيء من التكافل الاجتماعي المستمد من الشريعة الإسلامية يحقق المزيد من العدالة للمتقاعدين.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية