العدد 2773
الأربعاء 18 مايو 2016
banner
قصة البحرين باختصار
الأربعاء 18 مايو 2016

سأخبركم بقصة قبل أن أدخل في موضوع اليوم، قبل نصف قرن تقريباً، أي قبل خمسين سنة للتذكير فقط، زار حاكم عربي البحرين وعند وصوله المطار، ذلك الوقت تلفت حوله وهو يرى السوق الحرة والمطاعم والمرافق الخدماتية وبوابات الخروج، وسأل مرافقيه: هل هذه هي البحرين؟ فردوا عليه نعم طويل العمر، ثم خرج من المطار وسار موكبه بالشوارع ومر بالبنايات وعبر الجسر، ورأى النظام والترتيب، واكتشف خلال زيارته مستوى الخدمات والتنظيم الإداري للدولة ووجود ميزانية عامة للحكومة عكس بلاده، وتعرف على قوانين المرور والبلدية وتعرف على الإعلام والصحة والتعليم وخريجي الجامعات وفوق ذلك كله اكتشف ان كل من يدير هذا البلد هو البحريني ذاته وليس العربي أو الأجنبي كما هي حال بلاده حينذاك.
عاد هذا الحاكم لبلاده وقرر من يومها أن يسير على  خطى البحرين وأن يجعل من بلاده نسخة من البحرين، فقد تأثر بما شاهده وتعلقت صورة التطور والحضارة في رأسه وقرر من يومها أن تتغير بلاده وتصبح كالبحرين، بعد خمسين سنة أقل أو أكثر، أرى اليوم بعض الإخوة البحرينيين منا مأخوذين بهذه الدولة التي زارها هذا الحاكم حينذاك يتمنون أن نصبح مثلها، ما الحكمة من سرد هذه القصة؟
باختصار وصراحة تامة، البحرين مازالت بخير وفيها الكفاءات تفوق أية كفاءات في المنطقة ولدينا من الموارد رغم تواضعها ما يمكننا أن نستعيد به مجد البحرين في ثلاث أو أربع سنوات، هناك موارد وهناك كفاءات وهناك قائد حقق للبحرين ما تكلمنا عنه قبل قليل وهو من قاد حكومة هذا البلد وصنع المعجزات، لدينا شعب متحمس ومتعلم ومثقف وواع ولكن في بعض الأوقات يصيبه الكسل، لدينا تجار ورجال أعمال للأسف لم يسيروا على طريق آبائهم وأجدادهم في المغامرة المدروسة بالعمل واستثمار المال، هم في غالبيتهم بخلاء يريدون الربح السريع المضمون من إيجار وعقارات ووكالات تجارية تأتي على طبق، لدينا بحر وسواحل فيها الخير الكثير، ولدينا الأراضي التي تنتظر التعمير، وجزيرة مثل حوار لو استثمرت لأصبحنا ننافس أستراليا في السياحة البحرية، كل ما يجعل البحرين فوق القمة متوفر لدينا صدقوني، فكل ما جعل البحرين قبل سنوات في المركز الأول متوفر اليوم ولكن ما هو العائق والتحدي؟
مثلما تكلمت حتى الآن بصراحة فسأواصل صراحتي وأرجو أن يتسع لها صدر البعض لأجل مصلحة البحرين وموقعها، ولكن الطريق طويل على الرخاء المنتظر وعلى المواطن الذي  ينتظر الرخاء ان يدرك ان الصبر وحده لا يكفي من دون العمل على الطريق الذي يقود للرخاء، إن السياسات المرتجلة هي القشة التي تقصم ظهر البعير، فحتى على صعيد الأسرة والمنزل عندما تكون سياسة رب الأسرة عشوائية ومتخبطة فإنها تقود للنتيجة نفسها، لقد حققت البحرين طوال تاريخها الحديث هذه النهضة لأن سياستها قامت على التخطيط المدروس وعلى خبرة رجال تميزوا بالحنكة والتصميم وأهم من ذلك على كفاءات لم تسقط في فخ التجريب والمستشارين الأجانب الذين ما إن يتسللوا لبلد حتى يدمروها، كانت خطة البحرين الأولى هي خبرة أهلها و كفاءتهم ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ووحدة القرار وصرامة التنفيذ بالإضافة الى التركيز على التنمية بدلاً من السياسة، لقد دمرتنا السياسة وفقدنا مركزنا بسبب السياسة والديمقراطية الدمرة التي لم نجن منها سوى أعمال التخريب والإرهاب، فمن يومها فقدنا إعجاب الحاكم العربي الذي زار بلادنا قبل خمسين سنة وأعجب بها وها نحن اليوم نعجب ببلاده رغم رحيله رحمه الله لكن ابناءه وأحفاده يدركون اليوم أن البحرين كانت قدوتهم ودرسهم الأول في سباق العصر ومازالت تحتفظ بالكثير.
نهاية الصراحة، حتى تعود البحرين لمركزها وهي والحمدلله مؤهلة له، تقول القاعدة: لا سياسة ولكن عمل وكفاءة وقرار واحد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية