العدد 2771
الإثنين 16 مايو 2016
banner
أين العدو؟
الإثنين 16 مايو 2016

ربما يستطيع البعض منا إمساك البوصلة وتحديد العدو وماهيته وأين يوجد ولماذا يمثل عدوا لنا ولأمتنا ومنذ متى، إلى آخر ذلك من تساؤلات، ولكن المشكلة تكمن عند الكثيرين من أبناء الأمة الذين أضاعوا بوصلتهم وضاعوا معها وأضحوا يسمون هذا الطرف أو ذاك العدو، متناسين العدو الحقيقي ومتجاهلين في الكثير من الأحيان وجوده، بل الأدهى من ذلك أن البعض منهم بدأ في وضع عدو الأمة في المرتبة الثانية من العداء واستبدله بأعدء جدد.
الإنسان في هذه الأمة المنكوبة متذبذب بين هذا وذاك ومن خلاله دب الخلاف داخل جسد الأمة الواحدة في تحديد هوية اعدائها وتحول العدو إلى صديق والصديق إلى عدو، والسبب في ذلك كامن ومستتر داخل الكثير من قياداتها التائهة وغير القادرة على التحديد، أو تلك التي قدمت مصالحها الذاتية على مصالح الأمة العليا، لذلك نجد أبناء الأمة الواحدة يتقاتلون في ما بينهم ليس في سوريا فقط ولكن في مناطق أخرى كثيرة، كل يقاتل الآخر، ألف يقاتل باء وباء يقاتل جيم وجيم يقاتل ألف وهكذا تدور الدائرة في كل مكان من وطننا العربي الكبير ولا نعرف بدايتها أو نهايتها وندور فيها كما تدور البهيمة في الساقية في الأرياف.
هل يستطيع فرد أو جهة تحديد من يمارس القتال في سوريا أو من يتفرج على المعارك التي تطحنها وتطحن شعبها؟ وهل يستطيع فرد او جهة توجيه اصبع الاتهام للعدو الحقيقي في ليبيا هي الأخرى ومعرفة ماهيته ولماذا يمثل العدو وليس غيره؟ المتقاتلون في سوريا عرب يقتل بعضهم البعض، والمتقاتلون في ليبيا أيضا عرب يقتل بعضهم البعض، وفي جميع الأماكن تحول العداء عندنا من شعور تجاه عدو الأمة الحقيقي إلى غل وحقد وكراهية تملأ قلوب أفراد عرب تجاه أفراد عرب آخرين، أما عدو الأمة الحقيقي فيعيش أحلى فترات حياته ويجلس على كرسي المتفرجين يشجع هذا تارة ويشجع غيره تارة أخرى وينفخ في النار ليزيدها اشتعالا كلما حاول البعض إخمادها آملا ان تحرق هذه النار كل ما يمكن ان تمسها من قريب أو بعيد لسنوات طويلة قادمة.
من يتحمل وزر ما وصلنا إليه؟ بل هل يمكن تحديد هوية هذا المتسبب في ما نحن عليه الآن؟ هل هم الإخوان المسلمون الذين زادت سطوتهم خلال العقود الأربعة الماضية وسخرت لهم كل مقومات الانتشار في الجسد العربي، وهم الذين يرون الحق في جهة واحدة والباطل في كل ما هو دون ذلك، لذلك نرى عناصرهم او من يسيرون على هديهم يحملون السلاح في كل الأماكن السابقة التي ذكرناها ويوجهونه للآخر ايا كان ذلك الآخر، ام هل هم اولئك المتطرفون من الذين رأوا في ولاية الفقيه طوق النجاة – حسب اعتقادهم – وبدأوا في الانتشار في الكثير من أجزاء الأمة ويرون الحق في جهتهم والباطل في الآخر، بل وصولا إلى تكفير ذلك الآخر وتوغلوا في قتال هنا وهناك مستندين على إيران الأم التي تضع مصالحها الفارسية فوق كل شيء وتستخدم هذه الأطراف لتحقيق تلك المصالح، ام هل هي الجامعة العربية التي نامت ولم تفق حتى الآن وكانت لها فرصة مواتية لمنع انتشار النار في سوريا وغيرها منذ البداية أي عام 2011 ولكنها تخلت عن تلك الفرصة وآثرت النوم على العمل ومنحت الغرب الفرصة التي يريدها ويبحث عنها لتمزيق هذه الأمة، أم هل هو الغرب الذي يحلم ويعمل على ان يرانا اطرافا كثيرة تقاتل بعضها البعض وينسى كل منهم امته ومستقبلها ومستقبل أبنائها، ام هل هم الزعماء الذين جلسوا على كراسي لا يريدون تركها ويحاربون دونها كل شيء حتى أمتهم وأبناء وطنهم، أم هل هم أصحاب الفكر العروبي الوحدوي الذين يملكون الحل ولكنهم تخلوا عن الساحة وتركوها لكل من هب ودب من كل ما ذكرنا ليعيث فيها فسادا ويمزقها... من يمثل السبب في كل ذلك.. الله أعلم.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .