العدد 2770
الأحد 15 مايو 2016
banner
قانون المكبرات ونقل الصلاة... لا حياة لمن تنادي
الأحد 15 مايو 2016

الأخلاق بلا دين أفضل من الدين بلا أخلاق، مقولة قد تستفز البعض ولكن لو تأملناها جلياً لوجدنا أن أمما قامت وانهارت في ضوء هذه المقولة وأمما فقدت حضاراتها وسقطت وأمما نهضت وتربعت على عرش العالم من منطلق الفهم الجدلي لهذه العبارة، ودعونا نسأل.. ماذا ينفع أن نرى متديناً بلا أخلاق؟ وماذا يعني وجود شخص غير دين وغير ملتزم في لغة أهل الإسلام السياسي ولكنه ذو أخلاق وأدب وذوق؟ كثيرا ما نصادف مثل هذه المواقف وهي ليست جديدة، لا بالمفارقة فيها بقدر ما توجد لدى كل الشعوب وكل الأديان وفي كل المجتمعات وبالتالي لا يجب أن يعتب البعض على هذه المقولة التي اعتبرها علمية وواقعية وأنا هنا استعيدها للمرة الثانية، وأتوجه فيها ربما للمرة الألف للمسؤولين بوزارة العدل والشؤون الإسلامية فيما يتعلق بمكبرات الصوت التي يبدو أن بعض القائمين على المساجد لا يتحدون فقط وزارتهم المسؤولة عنهم بل يتحدون قانون الدولة الذي بحت أصواتنا ونحن نناشد المسؤولين بضرورة وقف هذه المهزلة التي تبلغ ذروتها في شهر رمضان حيث بدأ هؤلاء المؤذنون والمحدثون يسنون أسنانهم بنقل الصلاة كاملة مع الخطب التي في أغلبها مجترة ومكررة، لا حرمة ولا تقدير لأطفال رضع يصحون فزعين على هذه المكبرات التي كأنها تعلن النفير لخوض حروب الردة، ولا لكبار السن والمرضى وغيرهم، والسؤال متى تفعل وزارة الشؤون الإسلامية قانونها، كمصر والأردن ودولة الإمارات العربية المتحدة والمغرب والمملكة العربية السعودية، هل هناك من يزايد على المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بمكبرات الصوت ونقل الصلاة والخطابة على الهواء بأعلى المكبرات، رمضان على الأبواب، فعلوا القانون من الآن حتى لا يستغل رمضان.
إن ما يحدث اليوم عندنا في البحرين تجاوز كل الحدود وهناك من يتصل ويتابع مع شؤون المساجد من دون نتيجة، وتستمر هذه المكبرات، وخصوصا في المحرق وتحديدا في كل من عراد والحد عبر الاستخدام الفالت والسيئ لمكبرات الصوت، لقد قررت قبل مدة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالمملكة العربية السعودية إزالة عدد من هذه المكبرات وخفض صوت الأذان عبر هذه المكبرات بحيث لا يتعدى محيط المسجد وهذا القرار الذي اتخذته السعودية وهي الدولة الإسلامية الملتزمة التي لا يوجد من يجرؤ على المزايدة عليها يجب ان يوجه رسالة واضحة وحاسمة للإخوة المسؤولين بوزارة العدل والشؤون الاسلامية الذين كثيرا ما اصدروا البيانات والدعوات وحتى التحذيرات من الفلتان الذي تعيشه المساجد بإطلاق هذه المكبرات على مداها سواء في الليل وعند الفجر أو في النهار بل ولا يقتصر الأمر على ذلك حيث تبدو المخالفات لقانون مكبرات الصوت واضحة وفي العلن بقيام بعض المساجد ليس فقط بإطلاق مكبرات الصوت بصورة عشوائية وإنما بنقل الصلاة والخطب والأحاديث السياسية عبر مكبرات الصوت ورغم كل المطالبات والدعوات التي وجهت من الصحف ومن فاعلي الخير فإن هذه الدعوات ذهبت ادراج الرياح.
لقد نقلت وكالة الانباء السعودية منذ مدة ان وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ حينها كلف المراقبين بالوقوف على جميع الجوامع والمساجد وتعميد الأئمة والمؤذنين بالاكتفاء برفع الاذان عن طريق السماعات الخارجية فقط، أما الاقامة والأذان فيكون داخل المسجد عبر السماعات الداخلية.
ولو عدنا للوراء الى دولة الإمارات العربية المتحدة فإن هناك قرارات بخفض الأذان وتوحيده الكترونياً وتقنين الصوت، وتم تطبيقه واتخذت إجراءات في حق المخالفين، والسؤال متى يعلق المسؤولون الجرس في البحرين ويطبقون قانون مكبرات الصوت الذي سن منذ سنوات طويلة وقبل هذه الدول ولم نر حتى اليوم كلمة هذا القانون وهي تأخذ طريقها رغم الكثير من التصريحات والدعوات والمناشدات.
لا احد ضد الشعائر الدينية ولا احد ضد الدين ولكننا ضد ان يستغل البعض هذه الشعائر للفلتان غير المسؤول وضد فوضى الازعاج وضد التلوث البيئي من خلال ما يشكله الازعاج الصوتي من معاناة للمرضى والاطفال والشيوخ والمتعبين فعلينا ان نحترم في ظل دولة المؤسسات والقانون خلق الله في حق الراحة والاسترخاء والابتعاد عن هذه الفوضى الصوتية التي لا نتخيل ساعات الفجر وهي ذروة النوم والراحة للكثيرين خصوصا الاطفال والمرضى أن يشق عنان السماء صوت مكبر الصوت بمداه غير المعقول، هل في ذلك شيء من الدين والعبادة والتسامح والسلام؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .