العدد 2768
الجمعة 13 مايو 2016
banner
العراق والانتقال
الجمعة 13 مايو 2016

أيام الزعيم صاحب الكاريزما العراقية التي لم تتكرر خلال ما ينوف على نصف قرن، كان هناك برنامج إذاعي لم اعد اتذكر من كان يعده ويقدمه، لكنه في فحواه كان يعالج متغيرات العراق بعد انقلاب الزعيم الأوحد، كنا صغارا يومها لذا لم نكن نتابع منجزات الزعيم التي كان يروج لها البرنامج، وكانت منجزات بحق على صعيد القرارات، إنما على صعيد الواقع فالأمر شيء آخر، كنت الوحيد بين أبناء مدينتي الذي يضع القرار الزعيمي بالخط الأخضر الإيجابي ويقابله بالنتيجة الحمراء وأكتب تحتها – العراق في انتقال من ماذا الى ماذا وأتساءل الى اين يقودنا الزعيم الأوحد على إيقاع أغنية السيدة مائدة نزهت عاش الزعيم عبدالكريم عاش عاش.
مثلا كتبت عن قرار الغاء الإقطاع وكان زملائي في مدرسة ابتدائية الكحلاء وكانت ناحية في ميسان، وعدد من أولاد الشيوخ في مجمع الباشا محمد العريبي وكانوا ارهابيين مع بقية التلامذة إلا معي.
كتبت عن أي انتقال يتحدث المذيع، إلغاء الإقطاع نجم عنه، استرخاء الفلاحين والمزارعين، وتركهم العمل الذي كان يجبرهم عليه السركال والجوع والسركال هو وكيل صاحب الأرض أو الإقطاعي، وإلقاء محمد العريبي ومجيد الخليفة (واحد من شيوخ البومحمد في المجر والمجر قضاء يتبع ميسان وهناك المجر الكبير والمجر الصغير وكلاهما اقطاعيتان للبومحمد بل ان محافظة العمارة او ميسان كانت تدعى لواء آل بومحمد).
في سجن الكحلاء بأوامر الزعيم الأوحد أتذكر أنني رأيت صورة للعريبي وهو يحمل “المهفة” وهو في سجن الكحلاء، ومأمور الشرطة يجلب له الماء البارد المثلج ويناديه قائلا (أوامر باشا؟ مع أنه سجين، وفرار السراكيل (الوكلاء) والخدم من قصر العريبي في الشعبة وفي هذا القصر الفاره استقبل العريبي العشرات من الساسة والنواب وشيوخ العشائر، فقد كان نائبا في البرلمان العراقي واشتهر باسم (أبو موافج) لأنه كان يرفع يده بالموافقة على اي قرار تتخذه الحكومة وتدعو رئاسة البرلمان للتصويت عليه، ولهذا القصر حكاياته التي كم اتمنى لو يتسع لي الوقت لأكتبها، فهي قصص اسطورية، لنعد الى البرنامج – العراق في انتقال – هرب الفلاحون ايضا من مزارعهم مع ان الزعيم الاوحد وزع عليهم ممتلكات الاقطاعيين الزراعية، هربوا إلى ضواحي المدن والأكثرية منهم استوطنوا ضواحي بغداد واشتغلوا في اعمال البناء وحملوا تسمية العمالة.
ومما اتذكره ان عددا من هؤلاء الفلاحين وزع عليهم الزعيم الأوحد قروضا ودفع لهم شوالات حنطة خاصة لزراعة الأرض التي وزعها عليهم، وكانت هذه البذور معفرة بالزئبق السام، وما كانوا يعرفون فقد طبخوها وتناولوها ومات العديد منهم، والعراق في انتقال.
أما اليوم فقد كرت السبحة وهجم أولاد محافظات العراق المهضومة على بنايات الدولة في كل مدن العراق وبالأخص بغداد واستوطنوها وإن لم يتمكنوا منها فقد استوطنوا الفراغات التي كانت اساسا معدة كرئات تنفيسية لبغداد حدائق وفراغات مستقبلية – اتخذوها اراض لبناء عشوائي - هذا بعد اسقاط الدولة الوطنية – ابت الدولة وعجزت عن ايجاد حل له فلا هي قلعتهم خشية الاضطراب ولا هي وجدت حلا لهم لان التخصيصات الحكومية تذهب للصوص – العراق في انتقال –
الان _ ما يسمى بالزعماء أين موقعهم من نهب اموال العراق؟ كيف تحول عمار الحكيم من قعدة البراني التي ورثها عن جده الذي لم يتمكن من تسجيلها في العقاري العراقي لأنه ليس بعراقي الى قاعات قصر صدام حسين وهي ملك العراقيين جميعا.
ولا أريد أن أكرر بقية الأسئلة فالعراق في انتقال من القندرة الى النعال.
كان العراقي في زمن النزيه الأكبر عبدالكريم قاسم زعيم العراق الاوحد وقتها يقول ولا اعتذر – العراق في انتقال من القندرة الى النعال – ترى ماذا يقول العراقي الآن في زمن اللص عمار الحكيم ونوري المالكي والغايد؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية