العدد 2761
الجمعة 06 مايو 2016
banner
القانون والحريات
الجمعة 06 مايو 2016

إذا كانت أقوى دولة في العالم تنتهك حقوق الإنسان والحريات، وخصوصا حرية الرأي والحريات الشخصية، فلا نستطيع أن نعتب على الدول التابعة التي تعتبرها مثالها وقدوتها. لقد ازداد اللغط في الصحف والإذاعات بين الدول في سباق محموم لتبييض سجلها فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان بعد تقارير المنظمات الحقوقية التي ادانت مواقف العديد من الدول فيما يخص حقوق الإنسان وحرية التعبير وخصوصا العالم العربي الذي يصنف من اكثر الدول استلابا لحقوق الإنسان وحرية التعبير.
 ورغم كل الضجيج الذي يغشى العالم من خلال فوضى الحروب والاغتيالات والفساد والإرهاب إلا ان كل ذلك لم يستطع ان يخفي الصراع بين الحكومة الأميركية وشركة أبل، حيث تخوض شركة أبل مواجهة قضائية مع مكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب نظام تشفير أجهزتها. والصراع يتمحور حول الحفاظ على حرية حماية الافراد اسرارهم المحفوظة في هواتفهم المتنقلة والحكومة الأميركية التي ترى ان هذه المعلومات يجب كشفها في حال تعرض امن الدولة للخطر وحاجة وكالة الامن القومي لمعرفة هذه المعلومات المخزنة في الهاتف او الكمبيوتر، المختلف هنا أن القانون هو من يحكم، هل الشركة تنتصر ام الحكومة؟  ومازالت الدعوى قائمة ومازالت الشركة مصرة على موقفها حفاظا على اسرار المستخدمين لمنتجاتها.
 إلا ان القضية اخذت بعدا آخر فيما يتعلق بحق الافراد في رفض السماح للسلطات الاطلاع على معلومات اجهزة هواتفهم دون رضاهم عندما اجبرت محكمة أميركية السيدة (بايتسار بختشادزيان) بفتح جهاز الآيفون الخاص بها عن طريق اجبارها على الغاء فتح الهاتف بوضع اصابعها على موضع الاستشعار لخاصية بصمة الأصابع “تتش آي دي” أثناء احتجازها.
 رغم ان التعديل الخامس على الدستور الاميركي ينص على ان كلمة السر تخضع للحماية القانونية.
 إلا ان السلطات لا تعجز عن ايجاد غطاء قانوني لانتهاكاتها من خلال التفريق بين كلمة السر وبصمة التشفير على اعتبار ان كلمة السر محتوى عقلي وبالتالي تخضع للحماية القانونية بينما بصمة الأصابع تعتبر دليلا ماديا، وبالتالي يمكن معاملته معاملة اي دليل مادي آخر. بذلك اعطى القانون للحكومة الأميركية حرية اجبار المشتبه بهم على فك شفرة بيانات أجهزتهم وهذا ينتهك حقوق الإنسان المنصوص عليها في الدستور.
 كما انه يجبر المشتبه به ان يشهد على نفسه مما يعرضه للخطر ويفقد وسيلة من وسائل حمايته. لقد استطاع فلاسفة ومثقفو القرن الثامن والتاسع عشر اخراج العالم من عصوره المظلمة الى عصر التنوير وثورات حقوق الإنسان، وقادوا الى الحق والعدالة واحترام حق الحياة.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .