العدد 2758
الثلاثاء 03 مايو 2016
banner
الرئيس الكارثي
الثلاثاء 03 مايو 2016

“إن العالم يجب أن يعرف أننا لا نخرج بحثا عن أعداء، وأننا دائما نسعد عندما يصبح أعداء الأمس أصدقاء، وأصدقاء الأمس يصبحون حلفاء”، هكذا قال مرشح الرئاسة الجمهوري “دونالد ترامب” ضمن أول خطاب له عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مضيفًا أنه سيسعى إلى إعادة أميركا إلى نهج أكثر اهتماما بالمصلحة الذاتية، واتخاذ القرارات التي تحقق هذه المصلحة، وتحويل حلف شمال الأطلسي من التركيز على روسيا إلى الإرهاب والهجرة، متعهدًا بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي بسرعة، وبتحسين العلاقات مع الصين وروسيا من موقف قوة.
كما انتقد ترامب الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية السابقة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، واعتبر أنهما دمرا أميركا، حيث اتهم إدارة أوباما بالافتقار إلى وضوح الرؤية “الأخلاقية” وإضعاف علاقات واشنطن بحلفائها الرئيسيين - مثل إسرائيل - على حساب معاملة إيران بلين ولطف، متهمًا كلينتون كذلك بتضليل أميركا بسبب هجمات بنغازي التي أودت بحياة سفيرها هناك وثلاثة أميركيين آخرين.
هذه هي الملامح العامة للسياسة الخارجية وصورة مختصرة لأهم الأهداف التي يريد ترامب تحقيقها من منصب الرئاسة في البيت الأبيض التي قوبلت بانتقادات شديدة، سواء من حيث عدم انسجامها مع السياسة الأميركية العامة كقوله: “إن على أميركا أن تتراجع عن التزاماتها الدولية وتركز على احتياجاتها الداخلية”، أو للتناقضات التي وردت كتأكيده على دور حلف الأطلسي ثم تشكيكه في دور الولايات المتحدة المستمر في هذا الحلف لأن الأميركيين قد لا يعود بمقدورهم تحمل التكلفة، أو لتعالي ترامب في حديثه وتصريحاته التي قال في إحداها “أنا أكلم نفسي في المقام الأول لأنني أمتلك عقلا متزنا وقلت أشياء كثيرة”.
ولهذا قالت صحيفة نيويورك تايمز على سبيل المثال، إنه أيا كانت الشخصية أو حسن الخلق الذي يختار دونالد ترامب الظهور به، فإنه لا يمكن أن يخفي عدم أهليته للرئاسة، وإنه لو فاز بالانتخابات فسيكون رئيسا كارثيا، مشيرة إلى أن ترامب استعان مؤخرًا ببول مانافورت الخبير الاستراتيجي الجمهوري كرئيس لحملته الانتخابية بهدف إعادة تجميل صورة ترامب عند الناخبين، متوقعة الصحيفة فشل مانافورت في هذه المهمة، مؤكدة أنه لا يمكن لأية مستحضرات تجميل أن تمنع هذه الصورة الوحشية والنرجسية لدى ترامب.
وردت الصحيفة على الدفاع الأول لمانافورت الذي أكد فيه أن ترامب لا يريد ترحيل 11 مليون لاجئ ولا يريد منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة أو قتل الأطفال “الإرهابيين” أو الإساءة للمرأة، وأن هذه التصريحات لا تعبر عن الشخصية الحقيقية لترامب، إنما كانت بقصد الفوز في الانتخابات التمهيدية، إلا أن الصحيفة كذبت مانافورت بنقل تصريح لترامب أمام حشود من الناس أكد فيه أنه غير نادم على ما سبق أن صرح به بحق المسلمين.
قبل ذلك، وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما انتقادات شديدة لدونالد ترامب، على خلفية تصريحاته حيال السماح لكوريا الجنوبية واليابان بامتلاك سلاح نووي، معتبرا أنه “لا يعرف الكثير” بالسياسة الخارجية أو السياسة النووية أو بشبه الجزيرة الكورية أو بالعالم بشكل عام، قائلاً: “نحن لا نريد أي شخص في المكتب البيضاوي لا يعترف بالأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة في آسيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”.
أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فقد قال إن الخطاب الذي يسود حملة المرشحين الجمهوريين للرئاسة يشكّل إحراجاً للولايات المتحدة، مؤكدًا أن المسؤولين في البلدان الأخرى “لا يمكنهم تصديق ذلك، إنهم مصدومون ويجهلون إلى أين سيؤدي كل ذلك بالولايات المتحدة”، معتبراً أن هذا الأمر “يصيبهم بالاضطراب حيال صداقتنا”.
على الصعيد الاقتصادي، أشارت مجلة الإيكونوميست البريطانية الى أن وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة سيشكل خطرا عالميا على الاقتصاد بمستوى خطر “التطرف”، مستندة إلى جملة من الأمور من بينها: مواقف ترامب ضد الصين وتصريحاته بشأن “التشدد” الإسلامي عندما دعا إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، ووجود خطر قيام حرب تجارية في حال وصول ترامب للرئاسة نظرا إلى أن سياسته “متقلبة”، والموقف العدائي لترامب إزاء التجارة الحرة بما فيها اتفاق نافتا (اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية)، واتهم الصين مرارا وتكرارا بأنها “تتلاعب بالعملة”، إضافة إلى المواقف التي عبر عنها فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط والإرهاب، بما في ذلك الدعوة إلى قتل عائلات “الإرهابيين” والقيام بعملية برية في سوريا للقضاء على داعش والاستيلاء على المنشآت النفطية التي يسيطر عليها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية