العدد 2758
الثلاثاء 03 مايو 2016
banner
اقتصاد البحرين وصندوق النقد الدولي – 2
الثلاثاء 03 مايو 2016

بعد إن استعرض التقرير أداء الاقتصاد الوطني وتقييمه لتوقعات الأداء للعام 2016، أفرد التقرير قسما خاصا لتقييم التدابير التي اتخذتها الحكومة لغاية اليوم وتوصياته بالتدابير التي يتوجب اتخاذها في المرحلة المقبلة.
ووفقا للتقرير، فقد رحب الصندوق بتدابير المالية العامة الكبيرة التي نفذتها السلطات، بما في ذلك ما يتعلق بإصلاح أسعار الطاقة، من أجل حماية الاستقرار الاقتصادي الكلي. لكن هناك اتفاق على الحاجة إلى تدابير إضافية كبيرة ومركزة في البداية لتصحيح أوضاع المالية العامة على نحو يضع الدين في مسار تنازلي على المدى المتوسط ويعيد بناء الحيز المالي بمرور الوقت.
وأوصى المديرون باتخاذ تدابير لاحتواء الإنفاق الجاري، بما في ذلك فاتورة الأجور، مع حماية الإنفاق الرأسمالي؛ وبذل جهود لزيادة الإيرادات غير النفطية، بما في ذلك تطبيق ضريبة القيمة  المضافة؛ والتخفيضات في دعم الطاقة عن طريق استخدام التحويلات الموجهة بديلا له. كذلك أوصوا باعتماد ميزانية سنوية ضمن إطار متوسط الأجل، كما اقترحوا وضع خطة طوارئ للمالية العامة وإستراتيجية قوية لإدارة الدين.
ومثل هذه التوصيات التي لخصها التقرير في كلمات صغيرة يحمل كل منها مضامين وانعكاسات كبيرة بالنسبة للمواطن العادي والاقتصاد ككل. فعلى سبيل المثال، حين يدعو الصندوق لمراجعة الإنفاق الجاري وقائمة الأجور التي تستهلك ثلث الميزانية العامة، فلا بد أن تثار تساؤلات حول الكيفية التي سوف تتم بها هذه المراجعة. هل سيتم تخفيض الرواتب أم هل سيتم التخلص من بعض الوظائف أم هل سيتم إلغاء بعض الأجهزة ودمج بعض الأجهزة الحكومية أم سيتم ذلك عن طريق تعديل سياسات التأمينات الاجتماعية كما يجري الحديث حاليا؟
أما ضريبة القيمة المضافة، فوفقا لتصريحات خليجية سيتم تطبيقها ابتداء من العام 2018، لكن المسؤولين في وزارة المالية لا يزالون صامتين حول هذا الموضوع، وغير واضح كيف ستطبق وبأي نسبة وهل ستشمل كافة السلع أم السلع الكمالية فحسب؟
كما يوصي الصندوق باعتماد نظام الميزانية لسنة واحدة في المدى المتوسط، ولعل ذلك يعود بصورة رئيسية لصعوبة وضع توقعات دقيقة للإيرادات على مدى سنتين خاصة مع التقلبات الحادة في أسعار النفط. ولجوء الحكومة إلى وضع الميزانية الجديدة للعامين 2017 و2018 بناء على التوقعات الراهنة للنفط سوف يزيد من حراجة وضع المالية العامة ويعطي مؤشرات سلبية أكبر ربما الاقتصاد ليس بحاجة لها إذا تم الاكتفاء بوضع ميزانية لمدة سنة واحدة.
أما فيما يخص التوصية بوضع خطة طوارئ للمالية العامة وإستراتيجية قوية لإدارة الدين، فقد كتبنا قبل أيام عن أهمية وجود خطة طوارئ لإدارة الأزمات وأهمية وجود هذه الخطة الذي يتطلب وجود استعدادات واحتياطيات يمكن استخدامها عند الضرورة لتخفيف مضار التباطؤ الاقتصادي. أما عن وجود إستراتيجية قوية لإدارة الدين فقد بات مطلبا متفقا عليه وتم تناوله في كثير من المقالات والدراسات والندوات، والخطوة الأولى الصحيحة هي إصدار قانون للدين العام.
اللافت في تقرير صندوق النقد الدولي أنه يعترف بأن تنفيذ العديد من الإجراءات المذكور أعلاه  سوف تواجه تدمر وعدم قبول. لذلك يشدد على الحاجة إلى عملية تواصل قوية لرفع الوعي العام وزيادة التأييد الجماهيري لتلك الإجراءات، وهو أمر غائب لغاية الآن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .