العدد 2750
الإثنين 25 أبريل 2016
banner
علي الشرقاوي... “ها.. وينكم أبوي”!
الإثنين 25 أبريل 2016

هو من ارتفع بالشعر إلى قمة عالية وعبر عن الإنسان البحريني بكل اصالته في ابيات قصائده، علي الشرقاوي، النجاح والانتصار والقوة والصلابة والقلب الواسع يرقد حاليا في المستشفى العسكري بعد إجراء عملية في القلب تكللت ولله الحمد بالنجاح وكلنا ننتظر خروجه ليباشر عمله الإبداعي وإرشادنا لأنه كالشعلة التي تضيء أمامنا معالم الطريق.
ما أحوج حياتنا الى علي الشرقاوي، فهو الذي يقودنا الى الحقيقة، الى اكتشاف انفسنا واكتشاف الآخرين. لقد بدأت علاقتي بشاعرنا الكبير علي الشرقاوي في النصف الثاني من الثمانينات وتحديدا بعد وفاة والدي الأديب والصحافي “محمد الماجد” في العام 1986، حينها كنت أكتب القصة القصيرة وبداخلي مشروع كاتب يريد أن يبصر النور وينزلق الى عالم الإبداع، عرضت عليه ما كتبته وقال لي بالحرف “القصص التي اطلعت عليها يا اسامة كانت جيدة ومشجعة مع انها لم تصل بعد الى المستوى المطلوب، هناك شيء مهم جدا وهو الإخلاص للأدب والفن... وأنت كذلك”.
أعطاني بعدها المجموعة الكاملة لقصص الأديب الروسي “أنطوان تشيخوف” وأفهمني ان فيها الكثير من وصفات الابداع الفني وعلي الرجوع الى مؤلفاته وكتاباته، كما نصحني بقراءة “البيركامو” و”مورافيا” وغيرها من العقول التي استفزت نقاد العالم، ومن يومها وأنا لم اغادر “مكتبة نون” مكتبة علي الشرقاوي الواقعة على شارع توبلي التي اصبحت محطة يومية يزورها الأدباء والفنانون وحتى الأشخاص العاديون لأنها كانت ولا تزال نموذجا رائعا للمناخ الثقافي والفني.
علي الشرقاوي “الله يقومه لنا بالسلامة” صديق الجميع، يوزع الابتسامات اينما يكون ويحضر، شخصية نادرة جمعت فنونا وفضائل قلما نجدها مكتملة في شخص واحد، ويهتم اهتماما كبيرا بالشعراء الشباب الذين يتوافدون يوميا الى مكتبة “نون” للاستفادة ومعرفة قيمة الآداب والفنون ومغزى رسالة العلم والأدب. شخصية رائعة وجميلة حافلة بألوان المعرفة وكل يوم تزداد توهجا ولمعانا، وأغرق المكتبة البحرينية بمئات الدواوين الشعرية والكتب القيمة التي تلفت الأبصار وتحدث تغييرا في النفوس.
شاعرنا الحبيب علي الشرقاوي، ابن البحرين البار، نفتقد ذاتك المبدعة هذه الايام وأحاديثك الأدبية وقسوتك علينا للاستمرار في إشعال أبداننا من اجل المعرفة والفكر. الصمت يتوسد المكتبة والجدران ترتعش وتنطلق منها صرخة مبعثها محبتك والعلاقة العجيبة بينك وبين الكتب المتناثرة في كل مكان. قبل أيام تخاذلت ركبتاي وكدت أن اسقط من على سلم المكتبة عندما جئت لإعادة المجلات التي استعرتها منك في شهر رمضان، كانت المكتبة خالية، لمحت خيال علي نور “قعدة التلفزيون مكانك المفضل”، وإذ بي اشاهد تلميذك المخلص الفنان خالد الرويعي منزويا وحيدا فاقد الإحساس بلذة الجلوس في مكتبة علي الشرقاوي كما يعرفها الجميع، كان الصوت يخرج منه رخوا ضعيفا. أخذ نفسا طويلا قبل ان يتكلم ولحظات حتى جاءنا زائر آخر، تلميذك الفنان خليل الرميثي. جلسنا نحن الثلاثة على شاطئ مظلم، كنا بحاجة الى سماع رنة صوتك “ها.. وينكم أبوي”، انكسرت دروع خليل الرميثي فجأة وبدأ الألم يخرج منه بشكل مكتوب، أما أنا فعدت صامتا. فعسى الله ان يرجعك الينا سالما لتروي عطشنا يا “بوفي”.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية