العدد 2745
الأربعاء 20 أبريل 2016
banner
خدعة بيع القيادة الوهمية
الأربعاء 20 أبريل 2016

ازدهرت مؤخراً عبارات مؤتمر القيادة، ملتقى القيادة، تعليم فن القيادة، ورشة صنع القيادة، نزهة القيادة! احتيال القيادة! كل هذه العبارات تقف وراءها في الكثير من المناسبات مكاتب ودكاكين وهمية لا تملك هي نفسها ذرة من القيادة حتى مع نفسها فما بالك بأنها تدرب وتخرج أجيالا من القيادات؟ ألم أقل لكم من قبل إن الوقت صار اليوم لمن يملك وسائل الحيلة والاحتيال أكثر ممن يملك الرؤية والاستراتيجية الحقيقية للبناء والتنمية وقيادة الانسان باتجاه الوعي الحقيقي والصادق والوطني لصنع المستقبل بعيداً عن التجارة والاتجار بالمفاهيم والاستراتيجيات بصورة لماعة تجتذب الشباب المتسرع للنجاح والذي عادة هو سبب الاخفاقات التي تحصل هنا وهناك حينما يكون هذا الجيل المتخرج من ورش ومؤتمرات تخريج القيادات وهي مجرد ورش تجارية تعقد من خلال استضافة شخص نصاب أو متقاعد من مؤسسة اجنبية يملك وجهاً أحمر ويذكرنا بالاستعمار القديم لننخدع فيه باعتباره خبيرا عالمياً مهمته صنع النجاح ولو كان صادقاً لصنع النجاح لنفسه بدلاً من مجرد محاضر عاطل يجول دول مجلس التعاون لبيع الكلام.
ما أريد أن اقوله في هذا المجال، هو أن فن القيادة وتخريج جيل قيادي من الشباب الواعي القادر على حماية وطنه والنجاح في قيادة مؤسسات بلاده للمستقبل لا يحتاج كل هذه المؤتمرات والورش والدكاكين الاحتيالية في اغلبها، ولا يحتاج كل هذه الخسائر اذا ما قامت بها بعض أجهزة الدولة مأخوذة باستشارات للأسف خاطئة ومراوغة، صنع القيادات يا سادة يبدأ من ربط الشباب بجيل القادة الذين بنوا البحرين خلال الفترة المنصرمة وحققوا النهضة للبلد، من بنى البحرين في الماضي لم يبدأ من هذه المؤتمرات والورش وكثير منها نصب واحتيال، قادة البلاد الذين تركوا بصماتهم ناصعة حرصوا على التعلم من آبائهم وأجدادهم وحتى اقرانهم ممن تولوا المسؤوليات الجسمية في أوقات جسيمة تعرضت لها البلاد للتحديات والأخطار، وتعلمت هذه القيادات فن القيادة ممن حولها ويملك التجارب والخبرات ومن الاحداث نفسها، فن القيادة يا سادة سواء في الاقتصاد أو السياسة أو الإدارة في أعظمه وفي بلاد العالم يتم من خلال الاحتكاك والممارسة والتعلم من المحيط ذاته فكل خريجي الشركات العالمية ذات الطابع العولمي وفي السياسة العالمية هم ممن عملوا تحت إدارات سابقة، واكتسبوا الخبرة والفن من خلال الممارسة الطويلة ومواجهة التحدي والصعاب وتجاوزها، وخلال زياراتي المتعددة لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الماضية رأيت بنفسي جيل الرواد في بناء الدولة هناك اغلبهم تعلموا وتفننوا في القيادة من خلال التجارب والخبرات.
ولا نذهب بعيدا، لنلتفت اليوم حولنا لنتأمل خريجي مدرسة سمو الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله في فن القيادة من وزراء ووكلاء ومدراء عامين وموظفين عملوا مع سموه في مختلف المراحل التي مرت بها البحرين وكيف ساهموا بخبراتهم وقيادتهم لتلك الوزارات والمؤسسات التي أدارت الدولة في أحلك المراحل وأدق الظروف وأصعب التحديات، كيف خرجوا من تحت دائرة سموه محنكين وأسسوا تلك القاعدة الصلبة التي تقف عليها البحرين اليوم، من دون مؤتمرات وورش وفعاليات تجارية وهمية تبيعنا الفن الوهمي الذي للأسف الشديد يكون سبباً في بعض الاحيان في صنع الاخفاق بدلاً من صنع النجاح، لأن الجيل المتسرع والمتلهف على القيادة لا يملك سوى بضع محاضرات يلقيها أجنبي شرط أن يكون وجهه ورديا حتى نصدق أنه “خبير”.
إننا اليوم امام مسؤوليات كثيرة نحو هذا الوطن علينا تحملها بدلاً من السقوط في قبضة المحتالين والمتاجرين ممن يريدون أن ينهبوا من هذا الوطن حتى في أوقات الأزمة والضيق المالي عبر استيراد وإقامة مؤتمرات وورش ومهرجانات وهمية يتحدث فيها كل من هب ودب ثم ينتهي كل ذلك لنكتشف اننا سُرقنا من المحتالين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية