العدد 2743
الإثنين 18 أبريل 2016
banner
صواريخ إيران بين التخوين والتجويع
الإثنين 18 أبريل 2016

لم يصدق العالم انتهاء الملف النووي الإيراني بخضوع الملالي لإرادة المجتمع الدولي والكف عن السعي لصنع القنبلة الذرية (وإن كنا لا نزال نشك في نوايا الملالي الحقيقية في هذا المضمار) حتى تورط ملالي طهران في مشروع عدواني جديد هو مشروع صناعة واختبار الصواريخ البالستية بعيدة المدى القادرة على حمل الرؤوس النووية، وإجراء اختبارات لها في تحد صريح لقرار مجلس الامن الدولي الذي حرم على ايران اجراء هذه الاختبارات وصناعة هذه الصواريخ، ونحن نتفهم دوافع ملالي طهران وخصوصا رأس الأفعى خامنئي من إجراء هذه الاختبارات، فخامنئي الذي تراجع عن خطوطه الحمر في ملفه النووي في الساعات القليلة التي سبقت توقيع الاتفاق النووي النهائي مع مجموعة الدول الست، يشعر بقوة باهتزاز مركزه سواء في الداخل أو الخارج، الذي أوضحته الانتخابات الأخيرة بلا لبس، لذلك فهو يجد في ملف الصواريخ البالستية، رافعة ربما أعادت له موقعه وبعض هيبته وهيبة نظامه وزمرته المهدورة، لذا فهو يخون كل من يطعن أو ينتقد مغامرة الصواريخ هذه التي يعرف الجميع انها لابد أنها جارفة إيران الى حزمة عقوبات جديدة سيكون المواطن الإيراني ضحيتها، وبينت التقارير الإعلامية بشأن هذا الملف انه: (لم تقتصر تداعيات الاختبارات الصاروخية الإيرانية في الشهر الماضي على تلك التي أثيرت عند القوى العظمى وخمسة منهم أعضاء في المفاوضات النووية، حاول عدد فرض عقوبات جديدة عبر مجلس الأمن بحجة خرق إيران المخطط الشامل للعمل المشترك الذي أقره هذا المجلس، بل وصلت التداعيات إلى الداخل بعد فشل الولايات المتحدة في إثبات أن تلك الاختبارات كانت تمثل خرقاً للقرار الأممي رقم 2231).
اعتبر الأميركيون أن الاختبارات الصاروخية التي قامت بها إيران في الآونة الأخيرة وإن لم تمثل خرقاً للاتفاق النووي أو القرار الأممي 2231، إلا أنها تعارض روح الاتفاق والقرار، فضلاً عن أنها تتم في أجواء مليئة بالاستفزازات.
بادر الحرس الثوري بتلك الاختبارات بعد إجراء الانتخابات النيابية التي لم تكن نتائجها مُرضية لا للحرس الثوري ولا للمحافظين المتشددين، وكانت تلك الاختبارات بمثابة استعراض القوة أمام الداخل الإصلاحي المسرور بنتائج الانتخابات والخارج الأجنبي العدو الاستكباري الذي يرى نفسه منتصراً في المفاوضات النووية، لأنها أنهت ما يُسمى خطر إيران النووي!
وهكذا رأى المتشددون في إيران أنهم خسروا في المعركتين: المعركة النووية والمعركة الانتخابية البرلمانية. فلم يجدوا طريقاً للخروج من المأزق إلا القيام بالاختبارات الصاروخية ليُظهروا مدى قدرتهم وطاقاتهم على الإزعاج.
وبعد الاختبارات الصاروخية أعاد المحافظون المتشددون ملف المفاوضات النووية، ليروا أن فريق الرئيس روحاني في المفاوضات تخطى الكثير من الخطوط الحمر، ليستخرجوا عدم جدوى الاتفاق النووي وأن ذاك الاتفاق لن يكون مدعاة للفخر والاعتزاز!
هل اكتشف المحافظون بنداً جديداً أضيف مؤخراً على الاتفاق النووي، أم أن الاتفاق، هو نفس الاتفاق؟! نعم الاتفاق هو ذاته، ولكن الجديد هو استثمار الاتفاق من قبل من يسمون أنفسهم زورا الإصلاحيين خلال الانتخابات النيابية، إذ إنهم تمكنوا من الحصول على الأغلبية بعد أن أقنعوا الشعب بأنهم كانوا وراء الحصول على الاتفاق النووي وأن المحافظين لا يريدون خيراً للبلد.
وكدليل على تأثير الاتفاق النووي على مسار الانتخابات النيابية، يكفي أن نعرف أن الأغلبية الساحقة من النواب الذين احتجوا على محمد جواد ظريف خلال المفاوضات النووية، خسروا في الانتخابات النيابية جزاءً وفاقاً.
المشكلة الآن ليست في الاتفاق النووي الذي لو لم يكن، لما كانت إيران تتمكن الآن من ان تصدر برميلا واحدا من النفط، بل المشكلة تكمن في أن الاتفاق النووي تمت ترجمته بلغة بالغة الفصاحة في الانتخابات النيابية، وإذا استمر مسار الأحداث والاستحقاقات المستقبلية هو نفس المسار الذي رأيناه في الانتخابات النيابية الأخيرة، فعلى عصابة خامنئي أو من يسمونهم المحافظين أن يودعوا جميع مقاعد السلطة ويتقوقعوا في كهوفهم – بعد ان يتجرعوا كأس سم الصواريخ البالستية المميت – إن لم يكنسهم الشعب إلى مزبلة التاريخ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية