العدد 2732
الخميس 07 أبريل 2016
banner
صراع المال والقوة
الخميس 07 أبريل 2016

لو قلنا إن الصراع يقع بين الديمقراطية وقوة المال لأيقنا أن النصر يكون حليف المال وقوته، ولو تحدثنا عن صراع بين القوة المادية وبين الديمقراطية لقلنا إن الحسم سيكون حتما للقوة المادية (العسكرية) خصوصا في وطننا العربي الذي تم فيه تغييب قوة الديمقراطية الناعمة بتجريد المستفيدين منها من قوتهم وتقليم اظافرهم كما يقال، ولكن عند الحديث عن الصراع بين القوة المادية (العسكرية) من جهة والمال أو رأس المال من جهة اخرى يكون الجواب صعبا على الكثيرين، فالطرفان يملكان من مصادرها – أي القوة - الكثير، وبها - أي قوتهما – ساهما طويلا في منع الديمقراطية من التطور والترسخ في الكثير من المجتمعات، وبالذات مجتمعنا العربي بالطبع.
بالرغم من المحاولات الكثيرة من قبل الشعب العربي وغيره من الشعوب التي ناضلت كثيرا من اجل الديمقراطية وما تمثله من حرية ومساواة، إلا ان كل تلك المحاولات لم تؤت الثمار التي يرجوها الشعب العربي بالذات بسبب الطرفين الآخرين في المعادلة، أي القوة المادية المتمثلة في المؤسسات العسكرية، وقوة المال الذي يعمل دائما على تطويع جميع القوى لخدمته وزيادة أرباحه التي لا يمكن أن تكون إلا على حساب الشعوب، اي الإنسان، لذلك نجد أن هناك تحالفا مستمرا بين المال والسلطة، أي بين المال والقوة المادية التي معظمها، إن لم نقل جميعها، عسكرية في وطننا العربي.
وكون الديمقراطية بلا أنياب ولا قوة تحميها غير الشعوب، فإن النجاح كان حتى الآن في جانب المال والتحالف الذي يحدث بينها في مواجهة الشعوب وسعيها للتحول الديمقراطي، ولا نريد ان نتطرق لأمثلة على ما نقول، فبمجرد أن يحاول أي منا البحث في أوضاع المجتمع العربي في أي قطر عربي وما إذا كان مجتمعا ديمقراطيا أم لا، فإنه سيصل حتما إلى جواب واحد مفاده أن هذا المجتمع لا يتمتع بالديمقراطية التي نعرفها والتي سعى دائما للوصول إليها، والسبب في ذلك واضحا ومتمثلا كما قلنا في الحرب التي يشنها المال، أو رأس المال ومعه القوة المادية بحق الديمقراطية والتحول الديمقراطي.
والحرب التي نتحدث عنها، وأي نوع آخر من الحروب، تتم حتما من اجل المصالح، مصالح الشعوب الساعية للعدالة والمساواة التي يمكن أن تحملها الديمقراطية، ومصالح رأس المال والسلطة في الهيمنة والربح المادي، لذلك يخرج على البال احيانا احتمال حدوث الحرب بين القوة المادية من جهة ورأس المال من جهة أخرى بعيدا عن الشعوب، وهما مثلا تحالفا مستمرا ضد الديمقراطية والعدالة والمساواة التي تسعى إليها الأمم، مع أن هذه الحرب ليست جديدة، فقد حدثت حرب شبيهة لها في بداية عصر النهضة بين البرجوازية التي تمثل رأس المال والقوة العسكرية التي تمثلها الملكية الأوروبية والكنيسة حينها وانتصرت البرجوازية في تلك الحرب كونها كانت، ومازالت، تملك قوة لا تملكها السلطة أي المال الذي تحتاجه.
ومع ذلك يبدو أن هذه الحرب بين المال والقوة المادية قريبة الحدوث في بعض المجتمعات، ومنها المجتمع العربي في بعض المواقع أو الدول التي لا نريد تعدادها حتى يكون الحديث عاما وليس خاصا، فرأس المال يتسم بالطمع الذي يدفعه دائما لمحاولة الاستيلاء على كل ما يصادفه، وهذا الطمع يدفع الطرف الآخر، أي السلطة، لمواجهته عندما يقترب منها ويحاول تجريدها من مصادر قوتها، فالهيمنة على المجتمع لمن في هذه الحالة، لقوة رأس المال أم قوة السلطة، فهل نشهد حربا بين هاتين القوتين قريبا أم لا؟ وإذا حدثت حرب من هذا النوع، من سيكون النصر حليفه على الآخر؟ فالتاريخ تحدث عن قدرة رأس المال على هزيمة قوة السلطة المادية من قبل، فهل يكرر التاريخ نفسه لو حدثت هذه الحرب؟ سؤال بحاجة إلى جواب او محاولة جواب في موقع آخر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية