العدد 2732
الخميس 07 أبريل 2016
banner
موقفنا من اتفاقية السيداو
الخميس 07 أبريل 2016



الضجة المثارة في البحرين حول تصويت البرلمان على التعديلات التي أجريت على التحفظات الخاصة باتفاقية السيداو، يجب ألا تمر مرور الكرام، سواء كنا مؤيدين أو معارضين لهذه التعديلات، لأن المجتمع البحريني منقسم على نفسه والبرلمان البحريني منقسم على نفسه.
وكان من الأفضل أن يتم فتح حوار مجتمع واسع يأخذ ما يكفي من الزمن للتغلب على حالة الانقسام والتربص التي صاحبت هذا الموضوع، لكي يتم اتخاذ القرار الذي لا يفتح بابا للوم والنقد في المستقبل.
الاتفاقيات كثيرة جدا فيما يتعلق بالمرأة وغير المرأة والنصوص التي تحث على احترام المرأة كثيرة ومنها ما هو قديم وما هو حديث، والدول تتباهى بكونها  صاحبة فكرة كذا أو الدعوة إلى كذا أو بكونها من أوائل الدول التي وقعت على الاتفاقية التي نصت على رفع شأن المرأة وتحريرها من الأغلال، ولكن المشكلة ليست في الاتفاقيات والنصوص، إنما في عدم الالتزام بالاتفاقيات والنصوص، رغم إعلان الجميع احترام هذه النصوص.
إن أكبر دليل على ما أقول أن الاسلام يتضمن من النصوص والتشريعات ما يعطي للمرأة حقوقا لم تنلها في ظل أية قوانين أو معاهدات أو نصوص، ألم يضمن الاسلام للمرأة حق الاحتفاظ بملكيتها الخاصة بعد الزواج، بمعنى ان أموالها وتجارتها تبقى منفصلة عن ممتلكات زوجها، وغير ذلك كثير من الأشياء التي كرم بها الاسلام المرأة ولم تعرفها الدول الغربية، صاحبة الصوت العالي في مجال تمكين المرأة، إلا بعد زمن طويل من مجيء الاسلام.
ولكن ما أصاب المرأة العربية خلال تاريخها من ضير وظلم وعنف كان نتيجة عادات ارتبطت بمجتمعاتنا منذ الجاهلية، ونتيجة الخلط بين الإسلام كمنهج وبين ممارسات المسلمين في بلادنا العربية، قامت جهات كثيرة عن جهل وعن عمد بالربط بين الاسلام وبين العنف ضد المرأة وساد اعتقاد لدى غير المسلمين أن الاسلام هو دين قمع المرأة وإذلالها!
والأهم والأخطر أن المسلمين، خصوصا المؤسسات الدينية، لم تنجح على مدى تاريخها في تعريف العالم بأن الإسلام بريء من الجهل والتطرف وقمع النساء، وبالتالي كان لابد أن نصبح متلقين وتابعين لما ينتجه الغرب من أفكار وبرامج حول المرأة وغير المرأة، وحريصين على أن نثبت أننا في طليعة الدول التي تطبق ما أنتجته الثقافة الغربية من مواثيق ومعاهدات حول ما ينبغي أن تكون عليه العلاقات الاجتماعية والأحوال الشخصية.
ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل ما ينتجه الغرب يناسب جميع الثقافات، وإذا كانت الأمهات في أوروبا وأميركا يقلقن عندما يكتشفن أن إحدى بناتهن لا تزال عذراء، رغم بلوغها سن الثامنة عشرة، ويعتبرنها معقدة نفسيا، فإن مجرد الحديث عن هكذا أمور في مجتمعاتنا يمكن ان يفتح أبواب جهنم على الجميع.
نحن مع حرية المرأة، بمفهوم الحرية الذي يتفق مع ثقافتنا ولا يهدم الأسرة ولا يقضي على الزواج الذي به تعمر الأرض وتستقر العلاقات الاجتماعية.
لابد أن نسجل أننا غير مجبرين على التعجل في هذه المسألة، خصوصا أن الدول الكبيرة التي تتخذ من قضية المرأة وحقوق الانسان أداة للابتزاز، هي نفسها لم تصدق على هذه الاتفاقية حتى الآن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .