العدد 2728
الأحد 03 أبريل 2016
banner
“اذهبوا للشباب الجموح”
الأحد 03 أبريل 2016

يقول سكوت فتزجيرالد “شباب كل شخص حلم، شكل من أشكال الجنون الكيميائي”.
المؤتمرات والندوات والاحتفالات وكل أشكال وأنواع الفعاليات الموجهة للشباب، إذا لم تتوفر فيها كيمياء الجنون والتميز والقفز على المألوف فإنها مجرد دعوة متواضعة لا تنشئ شباباً ثورياً بمعنى الثورة التقنية والتطويرية والمستقبلية التي ترى وتنظر للأمام وليس بمعنى الثورات الدموية التائهة التي تضيع معها الشباب وتلقي بهم في الشوارع بين البطالة والجهل والتخلف.
هذا المدخل اليوم، لأنني وجدت حتى الآن في كل توجهاتنا نحو الشباب، توجهات فوقية احتفالية تغلب عليها الأجواء الإعلامية، ولا تلامس جوهر وأحلام وطموحات كثير من الشباب المدفونة تحت أنقاض الإهمال وعدم التفاعل مع تلك الطموحات خصوصا إذا كانت بمستوى عالمي وتوفرت لها الأرضية والعناصر الحقيقية القادرة على تحقيق هذه القفزة في الجنون الشبابي الذي تحدث عنه الروائي الاميركي الشهير مؤلف جيسبي العظيم، سكوت فتزجيرالد، بوصفه الجنون الكيميائي ـ الذي يولد شبابا ليس فقط بالمستوى المألوف والعادي وإنما بكسر الجدران والقفز نحو العالمية بتحقيق ما لا يمكن تخيل تحقيقه للوهلة الأولى، هذا ما اتحدث عنه، وليس مجرد وظائف وأعمال عادية، لا أستهين بها ولا أقلل من احترامي لها ولكن تحقيق حلم عالمي واحد لشاب من الشباب يعادل تحقيق عشرات الوظائف العادية التي لا تحتاج سوى التحصيل المعتاد.
ما أقصده هنا أن تجارا ومسؤولين وشركات كبيرة عندما يتقدم شاب بمشروع تتوفر فيه كل الشروط للعالمية وفيه من التحدي والمغامرة وركوب موجة العالمية بقفزة نحو المستقبل، تحد بهذا المستوى لا يجد له أي أرض يقف عليها سوى الخذلان والاختباء والتراجع، بل إن هناك من هؤلاء التجار والمسؤولين ممن يطلعون على المشروع بما فيه من تحد ومغامرة ويقتنعون به ويعطون كلمة شرف بإنجاز هذا التحدي ثم سرعان ما ينسحبون ويختبئون، بئس المسؤول وبئس الشركة وبئس رجل المال، عندنا في وفي عالمنا العربي وبالذات الخليجي الذي لا يؤمن إلا بالمستويات الروتينية ولا يركب موجات التحدي.
إن القوة والعزيمة على التغيير من صلب كيمياء الشباب المتطلع نحو الآفاق العالمية، وهو ما يوصف عادة بالجموح الكيميائي إذا ما فهم البعض هذا المركب الذي صنع من سكان الولايات المتحدة الاميركية قبل ثلاثة قرون حضارة أميركا اليوم، وهم المهاجرون المغامرون الأوائل وقد حقنوا بكيمياء الجموح الشبابي.
الشباب باستطاعتهم إذا ما توفرت لهم امكانيات التحدي، أن يحملوا الكرة الارضية على رؤوسهم، هذا مرهون فقط بالرهان على الذهاب للشباب والبحث عن طاقاتهم والقبول بالرهان على مشاريعهم مهما حملت من المغامرة والتحدي ولا نكتفي فقط بالمناسبات والفعاليات الطارئة التي تأتي كل بضعة أعوام مرة وتصرف عليها الإمكانيات التي لو خصصت لمشاريع تحاول اجتياز المحلية للعالمية لأصبحت عندنا اليوم في بلادنا اسماء تزين الساحة العالمية جنباً الى جنب مع العالمية، سواء في الفن أو الرياضة والغناء والعلوم والمعرفة وكل المجالات الانسانية.
إن العقبة في وجه صعودنا للعالمية، حالنا حال الدول المتقدمة اكتفاءنا بالروتيني والسطحي والمألوف، اننا لا نملك خيار الرهان على الاحلام الكبيرة لدى الشباب بل كل همنا طموحاتنا المحلية، وهذا لن يوصلنا في أي يوم من الأيام للعالمية. 
اكسروا القواعد المعتادة والمألوفة واذهبوا للشباب الحالم المتطلع نحو آفاق بعيدة بدلاً من الاكتفاء بفعاليات روتينية لن تضعنا على سكة الأرقام الفلكية مع بقية انجازات شباب العالم في كل المجالات والحقول، إذا أردنا صنع غد للشباب يجب علينا الذهاب للشباب وليس أن يأتينا الشباب، الشباب المغامرون ومن يملكون جموح الكيمياء الجنوني هم من يصنع العالمية، ابحثوا عن هؤلاء بدلاً من الروتين المعتاد وإضاعة الوقت والإمكانيات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية