العدد 481
الأحد 07 فبراير 2010
banner
منظمات حقوق الإنسان والكيل بمكيالين (2)
الجمعة 19 أبريل 2024

لأسباب عديدة لا يمكننا أن نأخذ ما تطلقه منظمات حقوق الإنسان من تقارير ومواعظ على أنه شيء مسلم به، مهما كان بريق الشعارات التي تطلقها، فالكيل بمكيالين وربما بمكاييل متعددة قد أصبح أمرا واضحا في عمل هذه المنظمات، وهناك أسئلة منطقية عديدة ليس بمقدور القائمين على هذه المنظمات أو المبهورين بأدائها أن يجيبوا عليها إجابات شافية.
لا نتحدث فقط عن كون هذه المنظمات تستخدم من قبل بعض الدول الكبرى لتنغيص حياة غيرها من الدول كمسوغ للتدخل في شؤون هذه الدول عند الحاجة، ولكننا نتحدث عن أمور أخرى كثيرة تجعل عمل هذه المنظمات محل شك. أول هذه الأمور أن هذه المنظمات في معظمها جاءت إلى الوجود بموجب فلسفات وثقافات ومفاهيم غربية قد لا تتناسب في بعض منها مع الثقافات الأخرى، خصوصا ثقافات الدول الإسلامية.
فما يراه الغرب حقوقا أكيدة للمرأة مثلا، قد لا يكون بنفس الشكل في الثقافة الإسلامية، وقد يتم في الغرب إطلاق الحرية الجنسية إلى مدى أبعد مما يسمح به الدين الإسلامي، كأن يتم تقنين زواج المثليين وإقرار حقوق معينة لأطراف هذا الزواج في الغرب، هذه الحقوق تصبح بمرور الوقت ضمن حقوق الإنسان التي تلتزم الدول بالمحافظة عليها، ولكن هذا لا يمكن أن يحدث في الدول الإسلامية. وهناك مثال قريب العهد جدا في الولايات المتحدة، حيث تم الترخيص لأحد (رجال) المارينز السابقين بممارسة مهنة الدعارة أسوة بالنساء اللاتي احتكرن هذه المهنة منذ زمن طويل. ربما أرادوا بذلك أن يحققوا المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في بلادهم، ولكن هذا لا يمكن أن يحدث في بلاد المسلمين، لا من قبيل المساواة ولا من أي قبيل آخر.
والأمر الثاني الذي يضر بمصداقية هذه المنظمات أنها تتجاهل تماما ما يحدث من انتهاكات صارخة وحقيقية في الدول الكبرى، وهي لا تنكر ذلك ولا تملك تفسيرا مقنعا له، وهذا يؤكد أنها تعمل إلى جانب أدوات أخرى على تحقيق مصالح الدول الكبرى وإضفاء نوع من الشرعية على تدخلات هذه الدول في شؤون غيرها.
والأمر الثالث هو أن الدور الذي تقوم به هذه المنظمات الغربية في اللعب على الكلاش السياسي الموجود في كل دولة وتقوية الإحساس بالتهميش لدى بعض الفئات قد بات أمرا مكشوفا بشكل يجعل المرء يفقد الثقة في عمل هذه المنظمات.
أما الأمر الرابع، فهو استناد هذه المنظمات على مصادر غير محايدة، لها مواقف مسبقة ومعادية لحكومات البلاد التي يعيشون ويجدون مهربا وحماية في الانتساب لهذه المنظمات أو إمدادها بالتقارير غير الموضوعية. وربما هذا هو الذي أدى إلى التضارب بين موقف جهتين حقوقيتين كبيرتين من مسألة حقوق الإنسان في البحرين تحديدا. فبينما زعمت منظمة “هيومان رايتس ووتش” أنها ليست على ما يرام، أشاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أكبر منظمة دولية في العالم بما تحقق في البحرين من إنجازات حقوقية وديمقراطية.
وهناك دليل آخر على عدم حياد المصادر التي تعتمد عليها هذه المنظمات، وهو التركيز على السلبيات فقط والتجاهل التام لأي إنجاز يتحقق، فما تقوله التقارير عن البحرين قبل سنوات هو نفسه ما تذكره كل عام، ولم تذكر الإنجازات التي يعرفها العالم كله بخاصة في مجال تمكين المرأة في البحرين، وإصدار قانون الأحوال الشخصية، وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وتعيين عشرة نساء في مجلس الشورى، وقيام البحرين بإطلاق حرية انتقال العامل الأجنبي من كفيل إلى آخر... فما قولكم؟ 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .